قالوا

 يعيش الجميع اليوم عصر الثورة المعلوماتية التي تنتشر فيها الأفكار و المعلومات بسرعة و سهولة من و إلى أي بقعة من بقاع العالم، و لكن ما فائدة هذا الكم الهائل من المعلومات في ظل هيمنة رأي واحد و فلسفة واحدة على نوعية هذه المعلومات، و أعني بذلك الولايات المتحدة الأمريكية التي تعكس بمثل هذه الأفعال حقيقة العالم الذي تمثله و تريد في نفس الوقت.

الأستاذ علي السكري
من الذي صام؟ الدرازيون أم النعيميون؟   |    في ذمة الله الشَّابة زهراء عبدالله ميرزا صالح   |   ذمة الله تعالى الحاجة جميلة حسن عبدالله    |   على السرير الأبيض الحاج خليل إبراهيم البزاز أبو منير    |   برنامج مأتم الجنوبي في ذكرى ولادة السيدة الزهراء    |   في ذمة الله حرم الحاج عبدالله سلمان العفو (أم ياسر)   |    في ذمة الله الطفلة زهراء جابر جاسم عباس   |   نبارك للأخ الطالب محمد حسن علي ثابت حصوله على الماجستير في إدارة الأعمال    |   رُزِقَ الأخ عبدالله علي آل رحمة || كوثر || 12/12/2021   |   دورة تغسيل الموتى    |   
 
 الصفحة الرئيسية
 نبذة تاريخية
 أنشطة وفعاليات
 مقالات
 تعازي
 شخصيات
 أخبار الأهالي
 إعلانات
 النعيم الرياضي
 تغطيات صحفية
 ملف خاص
 خدمات الشبكة
 المكتبة الصوتية
 معرض الصور
 البث المباشر
 التقويم الشهري
 أرسل خبراً
 اتصل بنا
 
مقالاتالأستاذ كريم المحروس
 
لعنة المشاركة تحل على سوق الخضرة بلا استحياء
شبكة النعيم الثقافية - لندن - 2009/11/08 - [الزيارات : 5453]

لعنة المشاركة تحل على سوق الخضرة بلا استحياء

 كريم المحروس

 8 نوفمبر2009 م

 ما أجمل البساطة البحرانية في مجتمع "الشياب" ..وما أحلى الطرائف الدائرة في بيئتهم وحين تتصادم الآراء بالمواقف بين متعالم منهم وجاهل!

 "حمالي" السوق المركزي (57 سنة) وجدته رجلا مكافحا لا يضاهي كفاحه من أجل رزقه أحد.. ذو ثياب رثة وحذاء "أملح أجلح" مرقع لا تمتاز مقدمه على مؤخرته .. أراه مثيرا للشفقة في بعض المشاهد. ففي كل يوم يقطع المسافة بين سوق الخضرة ومسجد في حي النعيم ليقيم صلاتي الظهرين ثم يقفل راجعا إلى حيث مصدر رزقه. وأرى أيضا مسنا آخر ضعيف البصر لا يكاد يرى ما حوله ، ويبدو من سنحته البحرانية ومظهره القروي صاحب "فرشة" خضرة، لا ينقطع عن الصلاة في المسجد ذاته.

 شهدت لهما موقفا معبرا جدا عن وقائع بيئتنا السياسية والاجتماعية المضطربة.. انتهى "الحمالي" من صلاته ودار إلى المصلين حاضري المسجد، يسلم ويطلب المغفرة لهم من الله تعالى وقبول الصلاة، لكنه في هذا اليوم لم يسلم من "زبرة" صاحب "فرشة" الخضرة التي اهتزت لها جدران المسجد!

 شد صاحب "الفرشة" على يد "الحمالي" بعنف وجره إليه ولوح في وجهه بسبابة اليد الأخرى منذرا ، وصاح فيه غضبا: تمسعني لو ما تسمعني؟!..أنا أقولك روح إلى الشيخ "فلان" خله إعلمك الوضوء عدل ..هالشكل يتمسحون وانته ويشكبرك ..ليش ما تسمع كلامي؟!

 إنفعل "الحمالي" المسكين وارتجت فرائصه .. وفي لحظة خطفة استجمع قواه حتى يرد الاعتبار لكرامته المنتهكة أمام المصلين في المسجد .. تنفس الصعداء وأرخى لصاحب "الفرشة" المنذر يد السلام .. وبالمثل، أشار بسبابة اليد الأخرى إلى صاحب"الفرشة" منذرا وصاح فيه صيحة كبرى: وانته.. وانته ، هذي صلاة الي اتصليهه .. واتسميهه صلاة ؟!، تره أنا أعلم منك ، انته ما عندك لا قيام متصل بالركوع ولا جلوس متصل بالسجود .. كل صلاتك شخطة وحده وفكرك كله في "الفرشة"؟! .. إنته الى روح للسيد (فلان) أحسن من الشيخ (فلان)، خله إعلمك الصلاة عدل ، مو اتقول أنا ما أعرف اتمسح!.

 ومنذ تلك الحادثة المثيرة في المسجد، لم أشاهد لـ"الحمالي" شخصا، وبعدها بأيام انقطع صاحب "الفرشة" أيضا عن حضور المسجد ولم أجد له شبحا.

 مَثَلُ حال المناوشة بين سلطتنا ومعارضتنا كمثل المناوشة بين "الشايبين":"الحمالي"وصاحب "الفرشة" ، كلاهما تملكه عارض الخلل في المقاصد والبرنامج السياسي قبل هاجس الخلل في موجبات الامتثال للقيم الدينية والوطنية ولحقوق أهل جزيرتنا الصغيرة.. ولو وصلت الأوضاع كلها بنا على وجه الافتراض إلى مستقر في إطار عقد اجتماعي جامع مانع بين كل الأطراف بعد بلاء هذه الفوضى السياسية والأمنية والاجتماعية غير المرضية لعامة الناس؛ فإن الذمم ستبقى مشغولة بشرعية المقاصد، ومستوى الثقة المتبادلة، وما تخفيه دسائس الجميع بين الحجرات.

 سلطات جزيرتنا من جهتها مازالت تتصدر اللعبة السياسية بإثارة عدد من المشاكل الوطنية الخطرة التي أقر تضخمها حتى الآن بعدم كفاءة هذه السلطات لقيادة عمل وطني شامل موجب لتقاسم مصادر القدرة وتوازن جهاتها. وإن قلنا بتخطي الأكثرية المشاركة في اللعبة السياسية لدورتين نيابتين ممتدتين إلى دورة انتخابية جديدة ستجرى في العام القادم من خلال عقد حرام ؛ فالدورات القادمة كلها ستظل متضخمة بنوابها "المساكين المضللين"على نمطية سلبية مستوية بلا جهة مقارنة في مستوى الصلاحيات الضحلة والمهام البائسة الموكلة من قبل ومن بعد.. هذه من المسلمات التي لا يختلف عليها اثنان واعيان منصفان متجردان من هوى الموالاة الطائفية وفروض المصالح الخاصة فضلا عن هوى السيادة في الأوساط الشعبية على طريقة مذهب ابن حنبل ورجله الثقة ابن تيمية!.

 وكلما تلاطمت أمواج الاعتراض الشعبي منذرة السلطات ومؤسساتها بمظاهر سخط عام جارف قد تتخلله بعض صور الإنفلات العنيف ؛ أسندت السلطات ظهرها إلى نصوص الميثاق ، ثم إلى نصوص الدستور ، ثم إلى صلاحيات ملكية مطلقة تفوق أصالة كل من الميثاق والدستور، ثم إلى قوانين نصت عليها مفاهيم ملكية مبهمة منتزعة بقراءة أمنية خالصة لهذين العقدين، ثم أخيرا إلى سلطة تشريعية توهم دعاتها بأنهم أحرص الناس على دفع الضرر .. وفي اعتقاد السلطات هذه:أنها تستطيع شق عباب كل تلك التحديات حتى تصل بثقل الأوزار كلها إلى بر الآمان في كل حال!.

 هذه مغالطة خضعت للجدل التاريخي في حوادث سياسية شعبية مماثلة من قبل في بلاد شتى فكان مآلها طغيان كوارث أمنية واجتماعية أوصلت الناس ونظم بلادهم بفوضى عارمة .. وربما كان مشروع التجنيس والإصرار على صناعة مجتمع ثالث بديل، وتهميش الطائفة الشيعية والنيل من شخصيتها الاعتبارية، وحصر رؤى الطائفة السنية وموقفها في رموز دينية "اخوانية و"سلفية" مدجنة سلفا، وصرف الجهد الديني واليساري والليبرالي المعارض إلى ملفات جانبية وتشتيت طاقاتها في توازنات بينية مبنية على توجس وخيفة - من أوضح مصاديق التناوش على حافة هاوية وإلى آخر نفس.

 وفي مقابل هذه المغالطة ، ستظل مظاهر الامتعاض والاحتجاج والسخط العام تتراكم حتى تصل في المنتهى إلى حد الانفجار الكبير الذي لن يبقي هذه المرة على ظهر هذه الجزيرة أحدا أو يذر إلا وتقهقر بما قدم أو أخر في أي من مجالات "التنمية" المدعاة بأبعادها المختلفة. بل ربما نشهد عند مقدمة هذه الحال الخطيرة ولادة جهات معارضة وطنية بديلة رافضة على وجه الإطلاق أي مساومات سياسية في إطار حوار تحت مظلة مرجعية الميثاق والدستور والصلاحيات الملكية المطلقة.   

 هذه حقيقة واقعة نلمس مظاهرها في كل حين بين حوادث قرى البحرين ومدنها.. وربما أخطأت الأكثرية "المتيقطنة" من بين أطراف المعارضة مرارا وتكرارا في اختيار طبيعة الاستجابة لمشروعات التنفيس عن الانفجار الكبير بلا مقابل شرطي يعتد به، وبدواعي تنافسية يعتقد أنها ناجمة عن قلة الوعي المقترنة بتسابق مرجعي فاحش إلى جني ما يظن أنه "مكاسب سياسية" قبل انصراف هذه "المكاسب" إلى دائرة المتنافسين .. يضاف إلى ذلك: تهافت "المتيقطنين" وتدافعهم نحو التلبس بدور الاعتدال غير المكلف والموصل بلا عناء إلى صناعة الحشد العام السهل المستكين - إلا أن صناعة البديل المعارض والمتشدد لدرء مثل هذه الأخطاء ومعالجتها ليس بالأمر المستحيل مادامت عناصر التكوين الجديد هذا متوافرة على بيئة قادرة على الرفد والدعم والتأييد السياسي وحتى التمويل المعنوي.    

 وربما تعتقد السلطات الملكية في جزيرتنا بأن مشروعي التجنيس والعزل الطائفي لا يخرجان عن كونهما وسيلتين شرعيتين من وسائل اللعبة السياسية المبررة لتعزيز الملكية بلون طائفي وقومي خاص محقق للتفوق على ماجريات لاحقة قد تفرضها وقائع صراع سياسي أكثر تشددا، فيتشكل بذلك لجانبها احتياط تعبوي ومجال فسيح باعث على حيوية "جيمسبوندية" مغامرة؛ غير أن الوعي الوطني والديني الثقافي الشعبي السائد حتى الآن يدرك بأن حرص السلطات على المضي في ارتكاب هذه الخطايا وتعمد تكريسها بفحش ظاهر؛ سيحطم كل جسور الرجعة، ولن يمثل هذه الحرص إلا خرقا فاضحا للإرادة الوطنية ونيلا من ثروات البلاد والتلاعب بمقدراتها. ويكفي هذا الوعي والإدراك الشعبي فخرا أن حذر وأنذر، ثم عبس واستنكر، ثم أقر بأن لا مفر من فزعة جادة وفق برنامج سياسي معارض مختلف تماما عن المعمول به ، ومتجرد مما أطلق عليه بعض المتفائلين المتيقطنين "تحولات إيجابية تستحق الصبر والمرحلية حتى آخر نفس"!

 معارضتنا من جهتها ، لما اشتد وطيس الاعتراض الشعبي واستمر ، وتراكمت مظاهر الإحباط والسخط العام ، من بعد انكشاف التهديد الجدي للهوية الوطنية والطائفية؛ عقدت زعامة الأكثرية العزم على لعب دور "الوسيط" فيما تعتقد أنه تطور سياسي أمني لا ناقة لها فيه ولا جمل ، وليس من بديل سياسي تراه زعامة الأكثرية مناسبا للهروب عن محاكاة واقع الحال غير لعب دور" الوساطة " بين دور معارض متشدد سائد وسلطات تتأهب للضرب "بيد من حديد على كل من تسول له نفسه النيل من أمننا الوطني".. هذا السلوك السياسي الشاذ ـ في ظني- يمثل أبشع صور التخاذل في تاريخ نضال الحركة السياسية البحرانية حتى تشاء الساعة غير ذلك!

 مسكين "الحمالي" ومسكين"صاحب فرشة الخضرة"، يظنان أن غيابهما عن أداء الصلاة في مسجد نعيمي سيضع حدا لسلوك التناوش في الأعلمية على وضوء وصلاة ، ولا يعلمان أن بعدهما عن المسجد يعني لغيرهما الكثير .. يعني فيما يعني دخولا جديدا في التناوش الأكبر بين عناصر حشد عظيم موال للسلطات بمسميات مرجعية لا طاقة لهما ولغيرهما على الانعزال عنه ، وبين فتية يحفرون الصخر بأصابعهم حذر الوقوع في خطيئة الموالاة واليقطنة ولا يخافون في الله لومة لائم.

 فهذه بيئة "الحمالي" وصاحب "الفرشة" التي يسكنون، ويتعلمون، ويوالون عن جهل أو عن ضغط حشد!.

 

طباعة : نشر:
 
جميع المشاركات تعبر عن رأي كاتبها
 
الاسم التعليق