قالوا

 يعيش الجميع اليوم عصر الثورة المعلوماتية التي تنتشر فيها الأفكار و المعلومات بسرعة و سهولة من و إلى أي بقعة من بقاع العالم، و لكن ما فائدة هذا الكم الهائل من المعلومات في ظل هيمنة رأي واحد و فلسفة واحدة على نوعية هذه المعلومات، و أعني بذلك الولايات المتحدة الأمريكية التي تعكس بمثل هذه الأفعال حقيقة العالم الذي تمثله و تريد في نفس الوقت.

الأستاذ علي السكري
من الذي صام؟ الدرازيون أم النعيميون؟   |    في ذمة الله الشَّابة زهراء عبدالله ميرزا صالح   |   ذمة الله تعالى الحاجة جميلة حسن عبدالله    |   على السرير الأبيض الحاج خليل إبراهيم البزاز أبو منير    |   برنامج مأتم الجنوبي في ذكرى ولادة السيدة الزهراء    |   في ذمة الله حرم الحاج عبدالله سلمان العفو (أم ياسر)   |    في ذمة الله الطفلة زهراء جابر جاسم عباس   |   نبارك للأخ الطالب محمد حسن علي ثابت حصوله على الماجستير في إدارة الأعمال    |   رُزِقَ الأخ عبدالله علي آل رحمة || كوثر || 12/12/2021   |   دورة تغسيل الموتى    |   
 
 الصفحة الرئيسية
 نبذة تاريخية
 أنشطة وفعاليات
 مقالات
 تعازي
 شخصيات
 أخبار الأهالي
 إعلانات
 النعيم الرياضي
 تغطيات صحفية
 ملف خاص
 خدمات الشبكة
 المكتبة الصوتية
 معرض الصور
 البث المباشر
 التقويم الشهري
 أرسل خبراً
 اتصل بنا
 
مقالاتالأستاذ كريم المحروس
 
إنفاذ الحدود والتعزيرات بحق المعارضين لأداء الوفاق
شبكة النعيم الثقافية - لندن - 2009/06/09 - [الزيارات : 4789]

إنفاذ الحدود والتعزيرات بحق المعارضين لأداء الوفاق

 

كريم المحروس

 يسقط مهاجر سياسي بحراني شيئا من تجربة حياته على فوضى وتفاهة نزاع "التمثيل الزعامي" وجدال "تقاعد النواب" و"الجزاء المالي" في نظام الدولة - حين يقول في لهجة سخرية منبعثة عن ذات خبيرة تهوى نقد خبراتها:

 (في جدال "حق التقاعد النيابي" العارم، وفوضى "حق التمثيل الشعبي" وغيرها في "كادر الأئمة" و"المجلس الإسلامي الأعلى " و"حق ضمان التعطل"، لسنا بحاجة لمختلقات جحا وطرائف تصديقه لها. ففي زوايا مجتمع جزيرتنا تكمن الكثير من الطرائف على منوال طرائف جحا مجتمعة حتى تكاد كلها تتشابه علينا لولا إنها بنت بيئتنا.. لكن طرفة وليمة جحا بمعناها المثير تمثل اللدغة الأخرى القاتلة من جحر واحد في واقع الأمر .. وهذا ما يحز في النفوس ويؤلم في الذوات البحرانية المتطلعة لغد سياسي واجتماعي وثقافي افضل .. أما سمعت بمفاجأة طرفة "نفق تنفيس الكرب" في عائلتي؟!

 في مهجرنا القسري الذي مثل سنوات "المحنة الكبرى" لكل المبعدين والمطرودين أو المغيبين على سبيل أمان سلطة أمير جزيرتنا السابق ، كنا مشغولين بمعركة المصير في جبهتين: جبهة الواجب في الدفاع عن الدين والوطن، وجبهة الواجب في حماية الذات وتوازنها النفسي الداخلي من مؤثرات الغربة والبعد عن الوطن والانتزاع غير الطبيعي عن الحياة الاجتماعية التي ألفناها قيمة في مجتمع جزيرتنا، وتطبعنا بها، وعلى هداها اغترفنا ودا وحبا وعاطفة وأمانا على الفكر والعقائد.

 بعد عقد من كربة الاغتراب والحياة الاجتماعية غير المستقرة، رأيت في سلوك أولادي شيئا مما أعانيه وزوجتي من غزو ظاهر لكآبة البعد عن الوطن .. وعلى الفور ، جمعتهم في سياراتي الصغيرة وغادرت بهم المنزل إلى حيث أنفاق الشوارع الكبرى للمدينة، ثم أمرتهم بالتطبع بما عزمت على فعله أمامهم بلا زيادة أو نقصان.. عند مدخل النفق وصلنا بسيارتنا فصرخت بأعلى صوتي وبكل ما أوتيت من قوة وما ادخرته من طاقة جمعتها بعد قهوة الصباح حتى انقطع نفسي عند نهاية النفق وبحت حنجرتي.. ولأن أولادي مازالوا في ريعان الطفولة وبراءتها؛ فإن فكرة صراخ والدهم عند مقدمة نفق حتى نهايته تعادل عندهم أعلى درجات اللهو في أكثر ملاعب الأطفال إثارة.

 ومنذ ذلك اليوم اتخذ أولادي فكرة الصراخ وسيلة أنس وفكاهة كلما دخلنا بسيارتنا الصغيرة أحد أنفاق المدينة أو ضواحيها وهم غير مدركين بعد مقصدها وأثرها الإيجابي في إعادة التوازن الداخلي وتفريج الهم وتفريغ شحنة العزلة الاجتماعية والفراغ العاطفي.. وكلما هممنا بالمرور بسيارتنا الصغيرة في نفق أحد الشوارع؛ رأيت أولادي قد عطلوا جدالهم ونزاعاتهم الجانبية المزعجة، وهموا بشحذ طاقاتهم على آخرها في حملة واحدة وتأهبوا للإطلاق العنان لها على مد صوتي رفيع واحد يشق سكون النفق حتى آخره .. وبذلك تطبع أولادي بهذه الحال المعالجة، فأصبحت جزء من معيشتنا وارتحالنا، وعادة تجيء لنا بفسحة عند ساعة ضيق.

 في يوم ممطر من أيام الاغتراب زارتنا عائلة من الأقربين فضلا، فأنس الأطفال كلهم لهذه الزيارة حتى حان موعد رحيلهم عند آخر ساعات النهار .. ولسوء حظهم وحظنا تعطلت كل وسائل المواصلات، فما كان من خيار إلا تكديس ضيوفنا الكرام وأطفالنا في سيارتنا الصغيرة والانطلاق بهم لرحلة سفر حيث مسكنهم في الوسط من المدينة.. وعند منتصف الطريق كانت المفاجأة، وليتها لم تكن!

 تبدت لأولادي من بعيد علامة مرور كبيرة تشير إلى نفق قادم على بعد ربع كيلو متر تقريبا ..تسمروا في هدوء مريب وكل واحد منهم ينظر إلى عين الآخر نظرة توحي بتمام الاستعداد لأداء المهمة الاعتيادية وزوجتي والضيوف وأنا غافلون عن ذلك وهائمون في جدل ثقافي فلسفي .. شحذوا طاقاتهم غير مبالين بجدالنا .. وعند مدخل النفق شقت صيحاتهم العالية "الصميعة" آذاننا فتعطلت كل حواسنا للحظة حتى كدت والضيوف يغمى علينا من شدة الارتباك .. بعد لحظات تمالكت فيها نفسي؛ شرعت في الضحك على الموقف وردود الفعل، وطفقت أشرح لضيوفي قصة تنفيس الكرب من خلال الأنفاق حتى سكت عنهم الغضب).   

 كان الصراخ وسيلة من وسائل التنفيس عن أسباب الكرب وضغوط الكآبة عند صاحبنا المهاجر السياسي حتى ساعة وفود ضيوفه ، فهل تصلح هذه الوسيلة حين تهيمن مظاهر "الكآبة السياسية" على ساحة زعمائنا وجهاتهم بعد كل هذا الانشغال بإنفاذ وسائل "الحدود" و"التعزير" ضد كل من سولت له نفسه توجيه تبعية التيار السياسي العام بسيل نقد عرم أو التدخل لتصحيح مساره من خلال أشغاله بمظاهر الاحتجاج العام ضد السلطات وملفاتها في تدمير البنية الوطنية ؟! ..

 إن فوضى" الحدود" و"التعزير" ضد الخصوم باتت شريعة حاكمة على التصرف المعارض كلما لمع بريق شعار(نحن الممثل الشرعي والوحيد للشعب البحراني) على هيئة شعارات المعارضة العراقية السائدة قبل عشرين عاما من تاريخ سقوط نظام صدام المقبور. ويلمس المواطن العادي مظاهر ذلك بارزة من خلال جدال حصة تقاعد النواب المالية، وتجاذبات الزعامة والولاية، وشرعية أموال التعطل وكادر الأئمة وقانون الأحوال الشخصية...

 والأعجب من ذلك إن البعض من الكتاب المحللين الموجهين حزبيا في جزيرتنا مازالوا يعتقدون في قرارة أنفسهم المعلبة إن زعاماتنا المعارضة نجحت منذ خمس سنوات في طي صفحة الماضي العتيد، ومضت في تخطي آثار سنة "الطبعة الدستورية"، حتى بات الحديث في "سنة الطبعة" حديثا لا ثمرة ولا جدوى فيه ، وإن ما يجري الآن في ساحتنا ما هو إلا مظهر لنَفَسْ سياسي جديد مجرد من تركة تلك السنة ومعقّباتها، وإن كل ما قيل عن "كآبة سنة الطبعة" نفدت إلى الأذهان ومازالت حاضرة بمظاهرها المرضية - ليس إلا قول في وهم أو خيال ، وليس هناك من دليل يدحض الأسى على الماضي أجلى من الضمور الكبير في التيار الفكري والسياسي للشيخ الجمري ، وتفكك قوى حركته الدستورية، وانبثاق جديد لتيار الأغلبية الشرعي المغاير تماما للمسيرة الدستورية!.. هؤلاء المحللون لم يدركوا بعد إن "الكآبة السياسية" كانت مهيمنة على قاعدة التحرك السياسي منذ السبعينات وقبل سنة "الطبعة الدستورية" وتحمل في أحشائها إرثا سلبيا يتجاوز في حدته أدوار الإسقاط والإقصاء السياسي حتى يصل إلى حد التنابز المرجعي .

 قادة الأغلبية في التيار السياسي العام المهيمنة على النشاط المعارض في جزيرتنا لم يتجردوا من مسيرة الشيخ الجمري ولومها على ما فرطت في معطيات الحوار مع السلطات فحسب، بل انهم يجدون في أنفسهم زعامة لمسيرة تصحيح مستقلة، ولكنها منقذة بلا مسؤولية عن إخفاق الأمس، وليس لأحد الآن من حق في لومها على قرار المشاركة في البرلمان وتبعاته، لأنه جاء بصفة مشروع إنقاذ أولا، ثم بادرة خيرة لتنفيس كل ألوان التوتر المعارض بلا منهج عمل سياسي واضح ثانيا، حتى بدت مجريات المشاركة للعيان صرخة "كآبة" مفاجئة في نفق لم يستوعبها المقربون من أطراف المعارضة والابعدون!.

 لكي يكون أداء المعارضة اكثر تأثيرا في مثل هذه الأوضاع البائسة؛ عليها أن تتبنى هم "تنفيس الأنفاق" المجرد من دوافع التحزب والفوقية والاستعلاء، وان تتخذ قرارا شجاعا صريحا بالعودة إلى الأصول السياسية بعد نقد التجربة وفق منهج وفاق وشراكة عامة وشاملة لكل أطياف العمل السياسي المعارض، على ألا تضمر في النفوس إرادة الغلبة على الغير مادامت ملفات التوتر السياسي والأمني ماثلة وتستهدف دين ووطن الجميع . 

طباعة : نشر:
 
جميع المشاركات تعبر عن رأي كاتبها
 
الاسم التعليق