قالوا

 يعيش الجميع اليوم عصر الثورة المعلوماتية التي تنتشر فيها الأفكار و المعلومات بسرعة و سهولة من و إلى أي بقعة من بقاع العالم، و لكن ما فائدة هذا الكم الهائل من المعلومات في ظل هيمنة رأي واحد و فلسفة واحدة على نوعية هذه المعلومات، و أعني بذلك الولايات المتحدة الأمريكية التي تعكس بمثل هذه الأفعال حقيقة العالم الذي تمثله و تريد في نفس الوقت.

الأستاذ علي السكري
من الذي صام؟ الدرازيون أم النعيميون؟   |    في ذمة الله الشَّابة زهراء عبدالله ميرزا صالح   |   ذمة الله تعالى الحاجة جميلة حسن عبدالله    |   على السرير الأبيض الحاج خليل إبراهيم البزاز أبو منير    |   برنامج مأتم الجنوبي في ذكرى ولادة السيدة الزهراء    |   في ذمة الله حرم الحاج عبدالله سلمان العفو (أم ياسر)   |    في ذمة الله الطفلة زهراء جابر جاسم عباس   |   نبارك للأخ الطالب محمد حسن علي ثابت حصوله على الماجستير في إدارة الأعمال    |   رُزِقَ الأخ عبدالله علي آل رحمة || كوثر || 12/12/2021   |   دورة تغسيل الموتى    |   
 
 الصفحة الرئيسية
 نبذة تاريخية
 أنشطة وفعاليات
 مقالات
 تعازي
 شخصيات
 أخبار الأهالي
 إعلانات
 النعيم الرياضي
 تغطيات صحفية
 ملف خاص
 خدمات الشبكة
 المكتبة الصوتية
 معرض الصور
 البث المباشر
 التقويم الشهري
 أرسل خبراً
 اتصل بنا
 
مقالاتمحمد الأحمدي
 
شخصيات عظيمة وبسيطة 2:
شبكة النعيم الثقافية - 2008/08/10 - [الزيارات : 8373]

شخصيات عظيمة وبسيطة 2:

 

أحمد أبو ربيعه ابضاي النعيم الغربي

        كان العنوان الأبرز لمنطقة النعيم الغربي .. ورغم أننا بمنطقة النعيم نعرف بعضنا البعض إجمالاً حسب كل جيل وحسب المناطق ( غرب – شرق – وسط - جنوب ) إلا إن هناك شخص تعرفه كل الأجيال وكل المناطق .. تراه دوماً في صلب الأحداث .. فمثلاً في العزاء لا تراه في المقدمة كما درجت العادة مثل المشايخ وكبار السن ومن يصفون أنفسهم بالوجاهة ولا تجده مع الذين يوجهون ويصرخون بمناسبة وغير مناسبة ويعتبرون أفسهم من القادة ولكنك تجده يقطع أشواطاً عديدة بين أول العزاء ونهايته بسرعة فائقة حاثاً الناس بل متخذاً أسلوب الأمر الغير قابل للرفض (فلان أدخل حلقة العزه بدل ما أنت تتمشى حاط إيدك في مخباك! ) ورغم أن مثل هذه الأوامر لا يتقبلها الكبار ولا الصغار خاصة المراهقين من أحد .. إلا أنه إذا صدرت من  أحمد أبو ربيعه  يكون لا مناص من تنفيذها على الأقل أمامه .. ورافعاً يده عالياً وضارباً على صدره وتسمع صوته ملعلع:
" جذي العزه مو تهمز على صدرك "
" يالله .. الله يعودك وياناً .. خلص محرم .. عز عدل "
" فلان .. بلا ضحك هذا محرم مو لعبة "
 " داخل .. داخل الحلقة يا شباب "

 

ولا يتردد أبو ربيعه أبداً من سحب يد هذا أو ذاك وجره وسط حلقة العزاء .
 لماذا كسب (ابو ربيعه) هذه المكانة ؟! لم يكن له منصب رسمي) قبل إدخال نظام الانتخابات واللجان إلى المأتم وإن كان بعدها لم يغب عنها أبداً) .. رغم أن هناك الكثيرين الذين دخلوا وخرجوا من اللجان وبعضهم مازال لسنين طويله نجد إن قلة من الناس تعرف  أنهم من اللجنة أو الإدارة وبعدها يتم نسيانهم .
لم يتوقف الأمر على هذا فعندما يموت أحدهم تجد أبو ربيعه متصدر الموقف يحدد مكان القبر ويقوم بكل المهام المطلوبة لإكمال عملية الدفن .. وكثيراً ما نشك أنه تربطه صلة قرابة مع الميت وأهله ولم نخطئ أبداً .. فأبو ربيعه كان قريب كل عوائل النعيم الغربي حتى بدون صلة قرابة دم .. لذا فعندما تحل مصيبة الوفاة وتجد العائلة نفسها مرتبكة فهي موزعة بين المصيبة وإجراءات وطقوس العزاء.. تتنفس الصعداء عندما يهل أبو ربيعه ماسكاً طرف ثوبه بأسنانه ومن ثم يربطه بوسطه ومشمراً عن ساعديه عندما يكون لا بساً أفرنجي .

وأما في الأعراس فلا غنى بأي شكل من الأشكال عن أبو ربيعه وخاصة في زفة المعرس (العريس) التي تبدأ خجولة وفجأة نجد أحمد أبو ربيعه قافزاً في وسطها مصفقاً بقوة وملعلعاً بصوته .. هنا يتحول خوف وخجل العريس وأهله إلى فرح طفولي سرعان ما ينتقل إلى جميع من في الزفة التي سرعان ما تكبر ويدب فيها الحماس وعندما يؤخذ العريس إلى المسجد للصلاة يمسح أبو ربيعه العرق من على جبينه وممازحاً الشباب بعمر الزواج " يالله بعد انت يا ولد  فلان متى نصفق وراك "
 " وين أبوك يا فلان يالله جمع المهر" وتتعالى الضحكات.. أنا شخصياً عندما اقترب موعد زفافي همست في أذن أخي علي  " أحد عزم أبو ربيعه ؟ " فرد أخي لا أعرف كيف ندعوه فنحن دعونا الجميع ووضعنا الدعوات في كل المنطقة وعندما سألت أصدقائي حميد  وعبدالإله لم يعرفا كيف يتم الاتفاق مع أبو ربيعه لعمل الزفة ولكن الجميع أكد على أنه لا يحتاج إلى أي دعوة ولا أي اتفاق .. ولا أعرف كيف أن الشك ساورني ماذا لو أنه يحتاج إلى دعوة أو اتصال أو ما شابه ذلك.. وكيف ستكون زفتي ومن سيقوم بأداء الرقصات والأهازيج .. وفعلاً رافقني هذا الشعور وندبت حظي  حتى لحظة ما وإذا أبو ربيعه قفز بشكل فجائي كأنه هبط من السماء مصفقاً بقوة وقائلاً جملته المشهورة التي ارتبطت به والتي تثير الضحك  ويعرفها كل أهل النعيم " صول على محمد وآل محمد ......وشباب النعيم .. بيض الله وجه .. والمعرس ولد لحمدي كله بياض .. بيض الله وجه . صول لعلى محمد " وبعدها أفسحوا الشباب له الطريق ليأخذ قيادة الزفة  وليرقص رقصته التي يخص بها بعض العرسان ومبرراً  " هذا نادرين أهله وموصيين أرقص في عرسه " وعندها شعرت فقط أن طقوس الزواج اكتملت ولم تنقص .. بل أن هذا أمتع وأفضل جزء منها .. وإني على ثقة أن معظم الأجيال التي عاصرت أحمد أبو ربيعه قد زُفت بواسطته .. ومن فاته ذلك لظرف دوام أو مرض أو سفر أبو ربيعه شعر إن حظه عاثر وأن توقيت زواجه غير موفق.

 ولا يقتصر دور أبو ربيعه على الزفة فسابقاً كانت تذبح الخراف وأحياناً الثيران بمناسبة الزواج و التحاريم وبعدها يتم الطباخ في المنطقة بواسطة نساء المنطقة .. وبعدها يتم التوليم (أي توزيع العشاء على البيوت أو العشاء في المأتم أو في ساحة المأتم أو في البيوت والساحات القريبة والمجالس) وهنا لابد من وجود منسق ومنظم وموزع للأدوار وهنا يبرز دور أبو ربيعه .
 
وعادة سابقاً عندما يكون أي تجمع لابد من وجود خناقات ومشاحنات ومشاجرات وغالباً ما تبدأ بالصراخ والسباب وسرعان ما تنتقل للأيدي والأرجل .. وعلى الأغلب تكون بين ناس معينين اعتادوا أن يتعاركوا بمناسبة وبدون مناسبة .. وهنا تبرز ثلاث  فئات  فئة متفرجة وفئة متحيزة وفئة متدخلة ، فالأولى تتفرج كما تتفرج على أي فيلم وأحياناً تنتظر وتتوقع مثل هذه الخناقات والفئة المتحيزة عادة ما تقوم بالتشجيع علناً لأحد الأطراف وأحياناً لا تتوانى عن مد يد المساعدة عن طريق لكم ورفس الطرف الآخر خلسة والفئة الثالثة المتدخلة تقوم بفك المشاجرة وتخليص الطرف الأضعف وسحب الطرف الأقوى .. وغالباً ما كان يصيب هذه الفئة نصيب من اللكم والرفس ورغم ذلك لا تتوانى عن التدخل السريع وكان أحمد أبو ربيعه عندما يكون حاضراً أول المتدخلين بل أنه لا يتردد بحمل عصا لضرب هذا أو ذاك من الصبية  في سبيل فض النزاع .

والآن نعود لسؤالنا السابق لماذا يتمتع أحمد أبو ربيعه بهذه المكانة! لم ينحدر من عائلة كبيرة أو غنية .. ولم يتمتع بقوة هائلة أو جسم هائل يخيف به .. ولم يتمتع بمكانة دينية كأن يكون شيخ دين أو عالم كما يطلق على رجال الدين .. بل كان إنسان بسيط يسكن في بيت متواضع في أحد أزقة النعيم كأغلب أهل النعيم .. ولم يلبس غالي الثياب ولم يركب أفخم السيارات .. بل كان يسوق دراجة نارية صغيرة (موتر سيكل) وبعدها اشترى (بيك اب) يستعين فيه لشراء أغراض بقاليته الصغيرة ومتطلبات المآتم.
 
كان أحمد أبو ربيعه ( أبو ربيعه لقبه وليس اسم ابنه) إنساناً بسيطاً سخر نفسه لخدمة مجتمعه كافه (تم إطلاق لقب خادم الإمام الحسين عليه عندما توفى).. يتمتع بروح مرحه وأريحيه عاليه وطيبة طبيعية غير مصطنعة .. وقبل هذا وذاك كان يتمتع بالقيادة التي اكتسبها بالفطرة .. ولذا كان محترماً ومهيوب الجانب والأهم كان محبوباً من الجميع.. وإني على ثقة بأنني لم أعطيه حقه وذلك لمعرفتي السطحية به كأي نعيمي وأن هناك الكثير ممن عاشره يعرفوه حق المعرفة وقد يعرفوا الكثير من حسناته وحتى سيئاته .. إلا أنني أوّد أن أسجل هذا "أحمد أبو ربيعه هو رجل النعيم الغربي الأول " رغم رحيله عنا منذ سنوات وكم تذكرته عند عرض المسلسل السوري باب الحارة وقلت في نفسي أبو ربيعه هو أبضاي النعيم وزكرت المنطقة.
وأنه من الواجب أن ننقل لجيلنا الجديد نبذة عن هذه الشخصية وأن نعطيه بعض حقه .
 وأخيراُ لا يسعنا إلا أن نترحم عليه وندعو له بالمغفرة والرحمة وأن يدخله الله فسيح جناته .

محمد عبدالله الأحمدي

طباعة : نشر:
 
جميع المشاركات تعبر عن رأي كاتبها
 
الاسم التعليق