قالوا

 يعيش الجميع اليوم عصر الثورة المعلوماتية التي تنتشر فيها الأفكار و المعلومات بسرعة و سهولة من و إلى أي بقعة من بقاع العالم، و لكن ما فائدة هذا الكم الهائل من المعلومات في ظل هيمنة رأي واحد و فلسفة واحدة على نوعية هذه المعلومات، و أعني بذلك الولايات المتحدة الأمريكية التي تعكس بمثل هذه الأفعال حقيقة العالم الذي تمثله و تريد في نفس الوقت.

الأستاذ علي السكري
من الذي صام؟ الدرازيون أم النعيميون؟   |    في ذمة الله الشَّابة زهراء عبدالله ميرزا صالح   |   ذمة الله تعالى الحاجة جميلة حسن عبدالله    |   على السرير الأبيض الحاج خليل إبراهيم البزاز أبو منير    |   برنامج مأتم الجنوبي في ذكرى ولادة السيدة الزهراء    |   في ذمة الله حرم الحاج عبدالله سلمان العفو (أم ياسر)   |    في ذمة الله الطفلة زهراء جابر جاسم عباس   |   نبارك للأخ الطالب محمد حسن علي ثابت حصوله على الماجستير في إدارة الأعمال    |   رُزِقَ الأخ عبدالله علي آل رحمة || كوثر || 12/12/2021   |   دورة تغسيل الموتى    |   
 
 الصفحة الرئيسية
 نبذة تاريخية
 أنشطة وفعاليات
 مقالات
 تعازي
 شخصيات
 أخبار الأهالي
 إعلانات
 النعيم الرياضي
 تغطيات صحفية
 ملف خاص
 خدمات الشبكة
 المكتبة الصوتية
 معرض الصور
 البث المباشر
 التقويم الشهري
 أرسل خبراً
 اتصل بنا
 
مقالات الأستاذ حسين المحروس
 
المسيري ..كائن ذو قصد..أحياناً
جريدة الوقت..حسين المحروس - 2008/07/05 - [الزيارات : 5821]

المســــــيري..
كــائن ذو قصــد.. أحيــاناً


 الوقت - حسين المحروس:
لمّا وجد علي الديري سائق التاكسي المصري جاداً في قوله ‘’ما رأيكم أن أزوجكم؟’’، وأنه يعني ذلك ‘’بحق وحقيقي’’ وأنّ الأمر خرج عن مزحة طريق تنتهي بوصولنا إلى الفندق ضرب - الديري - على غلاف كتاب ‘’رحلتي الفكرية’’ للكاتب المصري البارز عبدالوهاب المسيري وقال ‘’أنا حتزوج كتاب عبدالوهاب المسيري’’. استغرب السائق من هذا الانسحاب السريع من الموضوع وقال ساخراً ‘’مين المسيري ده؟’’ فقدم الديري شيئا عنه لم يكن مهماً لدى سائق التاكسي، واعتبر ذلك خروجاً على الموضوعية وعلى القصد من وراء حديث الزواج، فقال محبطاً ‘’يبأه لما تتزوج هات أبوك المسيري معاك’’.
على غلاف الطبعة الثانية للسيرة الذاتية للمسيري ‘’رحلتي الفكرية - في البذور والجذور والثمر’’ كُتبتْ عبارة ثالثة لافتة للنظر ‘’سيرة غير ذاتية غير موضوعية’’. صدرت هذه الطبعة عن ‘’دار الشروق’’ المصرية في أغسطس/ آب .2006 هذه العبارة كانت موجودة على غلاف الطبعة الأولى الصادرة في العام 2001 وفي طبعته الثانية عبدالوهاب المسيري، وبحسب ‘’رويترز’’ (20 يناير/ كانون الثاني 2006) فإنّ عبارة ‘’سيرة غير ذاتية غير موضوعية’’ قد حذفت من الغلاف وظلّت في المقدمة فقط. ولعلّها طبعة دار الشروق الأولى الصادرة في يناير/ كانون الثاني 2006 بمناسبة معرض كتاب القاهرة 38 الذي أقيم في يناير/ كانون الثاني .2006 لماذا حدث ذلك؟ إيه.. إحنه حنستعبط يا عبدالوهاب ولا إيه؟
أناقة «لماذا؟»
ماذا تفعل وجود أو غياب عبارة مثل ‘’سيرة غير ذاتية غير موضوعية’’ على غلاف سيرة ذاتية؟ ماذا تفعل ‘’غير’’ هذه في الكاتب؟ ماذا تفعل في القارئ أيضاً؟ في مكتبة ‘’دار الشروق’’ الأنيقة جداً في حي ‘’السادات’’ - وتقابلها مكتبة مدبولي غير الأنيقة جداً، ولا يشبههما غير الخروج من ‘’الهيئة العامة للكتاب’’ والدخول في ‘’مكتبة الجامعة الأميركية’’ - قلت للديري انظر العبارة ‘’سيرة غير ذاتية غير موضوعية’’. أيّة عتبة خلقتها تلك العبارة؟ أخذتني مباشرة إلى سؤال ‘’لماذا’’ الذي يحاول غالبية كتّاب السير الذاتية، أو الذين ينوون كتابة سيرهم الذاتية وضع تبريرات مقنعة لهذه الكتابة. وأيّة بواعث استفزته لهذه الكتابة. هل هي مجموعة ‘’تبريرات’’ لما مرّ في حياته من سلوكيات فهم القصد منها أو لم يُفهم فتأتي السيرة لتضع حداً لعدم الفهم، القصور الذي اعتراه لدى القارئ؟ أعني فضح تلك الافتراءات التي ناله نصيب منها في حياته السالفة. افتراءات تنال منه أو تبجله وتفضله فلا يكون فيه شيء من ذلك فيبدو شخصاً زائدا على ما فيه، زائدا على ما يمكن أن يصدر عنه.
مدائح «لماذا؟»
سوف يحاول كاتب السيرة فعل ذلك، وكأنّ كتابة السيرة لا تنفك عن سؤال ‘’لماذا’’. حينها ستكون عبارة ‘’سيرة غير ذاتية غير موضوعية’’ عتبة للمدح كما هي بياناً للإجابة على سؤال ‘’لماذا’’. بص يا عبدالوهاب.. هذه العتبة لن تكون من الزجاج لتكشف كلّ شيء أو تمنع تبرم القارئ من تقريرك ما يحذف من السيرة وما يثبت عندما قلت ‘’والصفحات التالية هي قصة حياتي أو رحلتي الفكرية كمثقف عربي مصري، وليست قصة حياتي الخاصة زواجاً وأباً وابناً وصديقا وعدوا.. إنني استبعدت كل الوقائع والتفاصيل التي ليس لها علاقة مباشرة أو غير مباشرة بتطوري الفكري’’ (ص 12) لكنها ستكون ‘’سلم نايلون نايلون’’ لن يصمد كثيراً ملثما أنك لم تصمد فوضعت لها تبريراً ‘’أن يكون لها علاقة بتطورك الفكري’’.
وإلى جانب ‘’التبرير’’ سيكون هناك دافع آخر أكره أن أسميه ‘’عقلاني’’ هو ‘’الشهادة’’ التي ستحفظ حياة كاتب السيرة بأنواعها بعد رحيله. المسيري جعل سيرته التي أطلق عليها ‘’فكرية’’ وصار ينوه لذلك مرّات عدّة، وأنه لن يذكر من الذاتي إلاّ ما له شأن في ‘’الفكري’’ ممّا يجعله كائنا ذي قصد، بعيداً عن الذاتية. لكنه كان يقضا أيضا لفكرة استحالة الموضوعية، وأنّها ‘’وهم’’ إذا قيل يمكن تحقيقها كاملةً منفصلة عنه انفصالا حاداً عن الذاتية. ربما لهذا كنّا نضحك كلما وجدنا أحدهم يدعو إلى الموضوعية، ويا ‘’أخي خلّك موضوعي’’، طبعا هذا لا علاقة له بالإحباط الذي نال من سائق التاكسي ذلك أن الديري خرج عن الموضوع كلّه وليس عما يمكن تحقيقه من الموضوعية في موضوع الزواج.
استحالات
كتب المسيري مرّة في هذا الأمر مادة بعنوان ‘’الموضوعية والذاتية’’ قال فيها ‘’تُعبِّر الموضوعية عن إدراك الأشياء على ما هي عليه من دون أن يشوبها أهواء أو مصالح أو تحيزات، أي تستند الأحكام إلى النظر إلى الحقائق على أساس العقل، وبعبارة أخرى تعني الموضوعية الإيمان بأن لموضوعات المعرفة وجوداً مادياً خارجياً في الواقع، وأن الذهن يستطيع أن يصل إلى إدراك الحقيقة الواقعية القائمة بذاتها (مستقلة عن النفس المدركة) إدراكاً كاملاً. وعلى الجانب الآخر، كلمة الذاتيّ تعني الفردي، أي ما يخص شخصاً واحداً، فإن وُصِف شخص بأن تفكيره ذاتي فهذا يعني أنه اعتاد أن يجعل أحكامه مبنية على شعوره وذوقه، ويُطلق لفظ ذاتيّ توسُّعاً على ما كان مصدره الفكر وليس الواقع’’. ثم راح يوضح قضايا أساسية لها علاقة بهذا الموضوع، وعلاقة اللغة ومجازها بكل ذلك واستحالة أن يلغي الموضوع الذات أو العكس.
غير.. غير..
كانت ‘’رويترز’’ قد عللت وجود عبارة ‘’سيرة غير ذاتية غير موضوعية’’ على الغلاف بقولها ‘’ويبدو أن هذه الجملة حررت المؤلف من الالتزام بكتابة صارمة يتتبع فيها تصاعد الحوادث الشخصية وتراكم التجارب الخاصة من الطفولة الى الشباب الى سن الحكمة ليصبح الكتاب تقطيرا لخبرات مفكر ينظر من خلاله الى حياته وانجازاته بكثير من الرضا وان لم يصرح بذلك’’. فقد كان المسيري في صغره عضوا بجماعة الإخوان المسلمين ثم عضوا في الحزب الشيوعي المصري لكنه ظل على مسافة ذهنية تسمح له بالنظر إلى الأمور بكثير من التجريد إذ يقول ‘’وضعت جهازي العصبي داخل ثلاجة مدة ربع قرن. كنت أتباهى في أثنائها بأنني انظر الى وقائع الحاضر نظرة مؤرخ وأنني يمكنني أن أراقب العمال يغيرون رخام منزلي وأكتب في الوقت ذاته عن الفيلسوف الألماني’’ عمانويل كانت. لم تفعل عبارة ‘’سيرة غير ذاتية غير موضوعية’’ ذلك فحسب. هذه العبارة أرادت مدح قدرات المسيري ومنذ الغلاف على بيان أنّه كائن ذي قصد، وأن سرد تفاصيل الحياة من دون استبعاد وتهميش وتركيز وإبقاء لا يكون في كتابة السيرة. وأنّه لا مناص من الانتقاء. لكنه يفعل كل تلك بقصد ‘’فهذه رحلة فكرية يتم سردها من خلال موضوعات لا من خلال مراحل متتابعة’’.

الهوامش
موقع المسيري الالكتروني
www.elmessiri.com 

align=middle
 

طباعة : نشر:
 
يرجى كتابة التعليق هنا
الاسم
المدينة
التعليق
من
رمز التأكيد Security Image
 
جميع الحقوق محفوظة لشبكة النعيم الثقافية © 2003 - 2024م