قالوا

 يعيش الجميع اليوم عصر الثورة المعلوماتية التي تنتشر فيها الأفكار و المعلومات بسرعة و سهولة من و إلى أي بقعة من بقاع العالم، و لكن ما فائدة هذا الكم الهائل من المعلومات في ظل هيمنة رأي واحد و فلسفة واحدة على نوعية هذه المعلومات، و أعني بذلك الولايات المتحدة الأمريكية التي تعكس بمثل هذه الأفعال حقيقة العالم الذي تمثله و تريد في نفس الوقت.

الأستاذ علي السكري
من الذي صام؟ الدرازيون أم النعيميون؟   |    في ذمة الله الشَّابة زهراء عبدالله ميرزا صالح   |   ذمة الله تعالى الحاجة جميلة حسن عبدالله    |   على السرير الأبيض الحاج خليل إبراهيم البزاز أبو منير    |   برنامج مأتم الجنوبي في ذكرى ولادة السيدة الزهراء    |   في ذمة الله حرم الحاج عبدالله سلمان العفو (أم ياسر)   |    في ذمة الله الطفلة زهراء جابر جاسم عباس   |   نبارك للأخ الطالب محمد حسن علي ثابت حصوله على الماجستير في إدارة الأعمال    |   رُزِقَ الأخ عبدالله علي آل رحمة || كوثر || 12/12/2021   |   دورة تغسيل الموتى    |   
 
 الصفحة الرئيسية
 نبذة تاريخية
 أنشطة وفعاليات
 مقالات
 تعازي
 شخصيات
 أخبار الأهالي
 إعلانات
 النعيم الرياضي
 تغطيات صحفية
 ملف خاص
 خدمات الشبكة
 المكتبة الصوتية
 معرض الصور
 البث المباشر
 التقويم الشهري
 أرسل خبراً
 اتصل بنا
 
مقالاتالأستاذ كريم المحروس
 
'خط أحمر' للدفاع دون القيم والرموز لا يغني من الحق شيئا
الأستاذ كريم المحروس - 2008/06/18 - [الزيارات : 4860]

كريم المحروس
17/6/2008م



ربما كانت آخر استخدامات لهجة التهديد والتنديد والوعيد بواسطة جملة " الخط الأحمر" المثيرة قد وردت على لسان ثلاث جهات سياسية فاعلة في ساحتها الشعبية : "الخط الأحمر" لحزب الله لحماية خطوط اتصالاته الأمنية ، و"الخط الأحمر" لحركة كفاية المصرية لمنع بيع الغاز المصري لإسرائيل، و"الخط الأحمر" لحركتي فتح وحماس لمنع اقتتال أخوة النضال والكفاح الفلسطيني.

وكلنا شهد تفاصيل وقائع "الخط الأحمر" الذي رسمه حزب الله لتحقيق مقاصده السياسية ، وكيف توج هذا الخط المثير بمواقف عملية حاشدة جادة استطاعت وضع الأزمة بكل معطياتها على شفا حفرة من النار . الأمر الذي أجج المقاصد ذاتها ورفع سقفها حتى وصل بها إلى أبعد بكثير من مقاصد حماية خطوط الاتصال الآمنة . بينما تلاشى الخطان الأحمران الآخران لحركة كفاية وحركتي الفلسطينيين بعدما اخترقا بيسر وقوضت مقاصدهما إلى أبعد مدى ، فاذا ما استخدم "الخط الأحمر" بعد ذلك فعلى سبيل الهزو لا الجد . والى ذلك ، أتخطر لهجة الوعيد في الماضي القريب التي أطلقتها مرجعية النجف الأشرف لمنع هتك حرمة مدينة كربلاء المقدسة والحرمين الشريفين للإمام الحسين عليه السلام والعباس عليه السلام ، وكيف أن "الخط الأحمر" هذا تلاشى أيضا فهتكت كربلاء واستنزفت فيها الدماء بمرأى من النجف ومسمعها.

ومنذ تلك الحوادث رُسمت في جزيرتنا البحرانية عشرات من "الخطوط الحمراء" بلهجة تنديد ووعيد تيمنا بواقع السياسة النضالية في لبنان ومصر والعراق وفلسطين المحتلة ولكنها كانت خطوطا واهنة لا تقوى على إنجاز شيء في الفعل السياسي لسببين وجيهين: أولهما أن الخطوط الحمراء هذه لم تتعد عنق رموز العمل السياسي أو الاجتماعي أو الثقافي - وأعني بالرموز هنا ما كان قيمة في الأشخاص أو الأشياء - ، فمقاربة هذا الخط الأحمر من قبل السلطات في جزيرتنا كانت في أشد معانيها تعبيرا عن ليّ مباشر بالأعناق لا مساس بمحيطها الاجتماعي أو دوائرها السياسية أو مصالحها الفئوية فحسب. بينا تَمثَل السبب الآخر في اختيارنا الخاطئ لأسلوب "الهرم المعتدل" التقليدي البالي في النظر للمقاصد والرموز عامة ومواضع الخطوط الحمراء الدفاعية الخاصة التي لم نتجاوز بها منذ السبعينات قمة الهرم المعتدل التقليدي .

وإذا ما أخذنا بعين الاعتبار أن هذه القمة لم تستطع حتى الآن أن تمثل العلاقة العضوية مع القاعدة وقوام هرمها وكل قيمه الثقافية والمؤسسية ؛ فإن هذه القمة أصبحت متقدمة جدا على الخطوط الحمراء المرسومة ولا تشكل مصدر تعبئة لكل الطاقات النضالية المعارضة أو جمعها في وحدة عضوية متماسكة.

الحال المثالية في العمل السياسي الجاد، والقريبة من التطابق المثمر في جزيرتنا ؛ موجبة لفتح مجال حيوي واسع حول القيم ورموزها وأشيائها وحتى معالمها المتصورة في الأذهان . وعلى أطراف هذا المجال يجب أن تمتد "الخطوط الحمراء" الدفاعية . كما أن المثالية في هذا الحال توجب أيضا قلب الهرم في النظر للمقاصد والأهداف ، فلا نتجاوز بالـ"خطوط الحمراء" الحق عند أول خرق لأبسط مثال وقيمة نؤمن بهما في رموزنا الدينية والثقافية أو نستهين في الدفاع عنها بحجج حزبية أو فئوية أو مرجعية ما أنزل الله بها من سلطان ..هذا عند من يرى تفاوتا أو تفاضلا بين المثل أو القيم .. والحال أن التفاضل والتفاوت بين القيم لا مجال للأخذ به في مثل هذه المنعطفات الخطرة التي نمر بها وتهدد كياننا الديني والثقافي والاجتماعي .

فالخط الأحمر أحرى به أن يقف عند مقدم كل قيمة ومثال لا متأخرا عنها في حال متساوي. وحين تصطبغ المعارضة أو التيارات المناضلة بصبغة الأنانية الكريهة باسم الشرعية ، ومن ثم تبني لها ومن حول قواعدها سدودا تقصد بها المركزية النافية لحق الآخرين في النضال والمعارضة ؛ فإن القيم والمثل تتفاضل وتتفاوت عندها وعند قواعدها بشكل مطلق ، ولا تشتد في رتبها إلا حين تكون تابعة لها من خلف تلك المركزية . ولذلك لم يستحق قتل المواطنين في الشوارع من خلف تلك المركزية إلا نداءات هزيلة ، ولم ينل حق المعتقلين والسجناء إلا خطبا جانبية ، ولم يصب خطر التجنيس والطائفية والفقر واحتكار المال العام واللعب بمقدرات البلاد إلا بعضا من الرسائل البريدية أو الشفهية ، ولم تواجه منظمات القمع السري إلا بوعيد ذرته الرياح على أطراف النسيان منذ يومه الأول.

كل واحدة هذه القضايا المصيرية الأساسية موجبة لفرض "خط أحمر" عريض لكونها في الأساس من الواجبات الوطنية والمسؤوليات الدينية التي تقع على كاهل كل تشكيل سياسي أو اجتماعي وليست موجبة لعقد استعراضات احتفالية جماهيرية بين المناطق ، كما أنها ليست موجبة لعقد تظاهرة إعلامية هادفة تكريس مبدأ الزعامة بلا عمل جدي يخرج جزيرتنا من محنتها.

كنت أظن أن رسم " الخطوط الحمراء" الدفاعية استحالت في الآونة الأخيرة إلى ترف سياسي تجره قوى الحماس والعواطف بين عامة الناس ، وتتلاعب بألفاظه أقلام البسطاء من المراهقين بيننا . فكلما انعطفت البلاد في حادثة ما هنا وهناك ، أو وصل أحدهم من خلال تحليله للوقائع والمعلومات المدمجة بحسب استيعاب ذاكرته إلى ما يثير المخاوف من حركة أمنية أو سياسية أو اقتصادية ما ؛ سمعت لأحاديث "الخطوط الحمراء" دويا في القرى كدوي قذائف الهاون في مزارع شبعا أو على أطراف غزة أو في الموصل والبصرة . - وإذا بي أجد في البلاد خطوطا حمراء دفاعية يقف على رسمها الكبار من كادر التيارات ، ومنشغلة على وجه أخص بالهوامش والحواشي والسفاسف . فكلما صرح أحد السلفيين المستقلين أو التابعين لجمعية دينية أو سياسية أو عضو في البرلمان أو الشورى بمقولة "لا تهش ولا تكش" ضد فلان "رمز" أو "قيمة" في قمة الهرم التقليدي المعتدل الذي لم يُجدِ في معالجة قضايانا النضالية منذ أن قامت للعمل الديني السياسي قائمة في السبعينات ؛ تجد توظيفا من أعلى رتب الكارد لأعلى مستويات الاحتجاج والتنديد والوعيد بـ"خط أحمر" .. فهناك بيانات ، خطب ، منتديات ، مسيرات شعبية ، حشود ، مواجهات ، في كل مناطق البلاد "لردع" هذه المقولات التافهة التي لا تستحق - في واقع الأمر -إلا "الإذن الصمخة" والرأفة بجهالتها والعطف على قصور أذهانها وحواسها وليس اكثر من ذلك . ومادمنا نعترف بأنها أدوات استثارة ومجسات كشف لمنظمة طائفية تستخدمها جهات عليا في الدولة فعلينا دراسة الأمر بحنكة وتروي لا ببساطة وسذاجة أو فجاجة.

لا ادري ما هي الأسباب التي تقف وراء جمود هذا الكادر وطاقاته الذهنية فحالت بينه وبين إدراك سعة المجال الحيوي للسلطات قبل أن يأخذ بوعيد "الخطوط الحمراء"!.

ولا ادري لماذا جمدت تلك الطاقات عن إدراك مدى توسع المجال الحيوي للسلطات وانقلاب هرمها في غفلة من الجميع منذ الإعلان عن مشروع الإصلاح السياسي المزعوم! .

ولا ادري لماذا لم تدرك بعد بأن الزمن الذي كرسناه في بناء مؤسسي مركزي زعامي مستقر منذ وقائع الميثاق والانقلاب على دستور 1973م كان الهدية الأغلى ثمنا والفرصة الأوفر حظا في تاريخ سلطات جزيرتنا البحرانية ، مكنها من بناء مجال حيوي وهرم مقلوب أصبحت فيه أتفه أدواتها ورموزها الأمنية والسياسية القديمة وأقلها اعتبارا في عرفنا ونظرنا - درعا حصينا ماثلا اليوم أمام كتلة سياسية كبيرة ومركزية جماهيرية هائلة خاضعة لزعامة تجد في نفسها تمثيلا مرجعيا لكل التيار الديني وميراثه وإرثه النضالي.

ولا أدري لماذا لم ندرك خلال السنوات السبع الماضية بأن القوانين والقرارات والمراسيم الجائرة التي كانت محل صراع بيننا وبين السلطات هدرت فيه الدماء وانتهكت فيه الحقوق ، وخيمت حوله منذ السبعينات العديد من المنظمات الإقليمية والدولية لتعبر بازائه عن استنكارها وشجبها الشديد - قد عادت إلى فعلها وبذات نصوصها ولكن بهيئة أخرى منجمة تحت رعاية ونظر من أعضاء كتلتنا البرلمانية المؤمنة وموافقة مبدئية من هرمها المعتدل وقمته.

لن ألجأ إلى الاستعانة بكلمة "لو" التي رددها على مسامعنا أستاذ الرياضيات في مدرسة السلمانية ونحن صغارا مراهقين ،ثم أكد على وجوب الاستغناء عن "لو" أستاذ الدين الذي كان يردد هذا النص: " فإن لو تفتح عمل الشيطان" . ولن أستعين بالتفصيل في قصة (قرية " لو") التي بالغت في دفن " لو" في عمق الأرض بمشاركة شعبية وإشراف ورعاية رسمية وذلك للتخلص من استعمالاتها بين مواطنيها ، ثم بعد الانتهاء من مراسيم الدفن خطب الزعيم الشعبي التقليدي في قرية "لو" خطبة عصماء ، ولم ينس أن يستدرك خطبته بقوله الصريح : "لو" وسعنا عمق قبر "لو" لكان ذلك أكثر أمانا من استخدام "لو"! .. ولكن لي الحق - كمواطن عادي جدا - أن أقول : أن القيم والمثل لا تتفاضل . وأن الحق حقا ، كان صغيرا أو كبيرا . وأن الباطل باطلا ، كان قليلا أو كثيرا . وأننا بدون "خط أحمر" مبني على قاعدة هرم مقلوب ومجال الحيوي واسع في ساحات النضال أو المعارضة ؛ فإننا سنبقى نصنع بأيدنا لنا أصناما نعتقد فيها قيمنا ورموزنا ثم نظل لها عاكفين .

طباعة : نشر:
 
يرجى كتابة التعليق هنا
الاسم
المدينة
التعليق
من
رمز التأكيد Security Image
 
جميع الحقوق محفوظة لشبكة النعيم الثقافية © 2003 - 2024م