قالوا

 يعيش الجميع اليوم عصر الثورة المعلوماتية التي تنتشر فيها الأفكار و المعلومات بسرعة و سهولة من و إلى أي بقعة من بقاع العالم، و لكن ما فائدة هذا الكم الهائل من المعلومات في ظل هيمنة رأي واحد و فلسفة واحدة على نوعية هذه المعلومات، و أعني بذلك الولايات المتحدة الأمريكية التي تعكس بمثل هذه الأفعال حقيقة العالم الذي تمثله و تريد في نفس الوقت.

الأستاذ علي السكري
من الذي صام؟ الدرازيون أم النعيميون؟   |    في ذمة الله الشَّابة زهراء عبدالله ميرزا صالح   |   ذمة الله تعالى الحاجة جميلة حسن عبدالله    |   على السرير الأبيض الحاج خليل إبراهيم البزاز أبو منير    |   برنامج مأتم الجنوبي في ذكرى ولادة السيدة الزهراء    |   في ذمة الله حرم الحاج عبدالله سلمان العفو (أم ياسر)   |    في ذمة الله الطفلة زهراء جابر جاسم عباس   |   نبارك للأخ الطالب محمد حسن علي ثابت حصوله على الماجستير في إدارة الأعمال    |   رُزِقَ الأخ عبدالله علي آل رحمة || كوثر || 12/12/2021   |   دورة تغسيل الموتى    |   
 
 الصفحة الرئيسية
 نبذة تاريخية
 أنشطة وفعاليات
 مقالات
 تعازي
 شخصيات
 أخبار الأهالي
 إعلانات
 النعيم الرياضي
 تغطيات صحفية
 ملف خاص
 خدمات الشبكة
 المكتبة الصوتية
 معرض الصور
 البث المباشر
 التقويم الشهري
 أرسل خبراً
 اتصل بنا
 
مقالاتالأستاذ كريم المحروس
 
مقامات الأصولية والأخبارية...حيز المقامات الرمزية بين الموقع والزعامة
شبكة النعيم الثقافية - 2007/12/06 - [الزيارات : 4805]

 مقامات الأصولية والأخبارية
حيز المقامات الرمزية بين الموقع والزعامة

تتعرف شريحة واسعة من مجتمعنا على مقامين: مقام البشر العاديين الذين يعتريهم النقص ويصدر عنهم الخطأ، ومقام آخر خاص ذي كمال مطلق يرتفع فيه العنصر الديني عن بشريته الى عالم آخر يشبه ما يطلق عليه أهل العرفان:(مقام الأنوار الإلهية) الذي تتحد فيه روح العنصر الانسان بعالم الآلهة بعد سلوك خاص يسلكه فيكون (هو هو) كما هو ظاهر في اعتقاد العرفانيين، وكل ما يصدر عن هذا العنصر في هذا المقام يعد صادرا عن الآلهة فيستوجب الطاعة المطلقة.  وتجهل الشريحة الاجتماعية هذه استعمالات آلة التمييز بين المقامين المذكورين فتأخذها هيبة (مقام الاتحاد) لترجح سيادة فعله في كل حين ولا تستذكر شيئا عن
مقام البشر العاديين!.

وفي سياق التميز بين هذين المقامين يذكر أن مواطنا عرفانيا ذا شطحات ينتسب الى شرق الأندلس خرق هيبة سلطانه السني المذهب (محمد بن مردنيش) أثناء مروره في موكب رسمي حاشد، إذ ناداه من وراء الحشد بصوت رفيع جدا في حاجة منه إليه. فلم يعبأ السلطان به ولم يول نداءه عناية وربما وجد فيه بساطة لا تميز في برتكولات السلطنة عرفا ولا تقليدا. فكرر المواطن نداءه للسلطان في لحن أراد به تمييز ذاته كمنتسب لعالم العرفان المحرم في الأندلس آنذاك وقال: أيها السلطان.. كلمني.. كلمني كما كلم الله تعالى موسى (عليه السلام) تكليما!. لم يتمالك السلطان نفسه وذهب عنه حلمه حتى احمرت عيناه من الغضب بين رعايا بطانته وتطاير منهما الشرر، وبالمثل رد على مواطنه بصوت رفيع جدا شق صخب حشد العامة فقال في رفعة مصحوبة بسخرية: ولكنك لست موسى حتى أكلمك!.

استجمع المواطن العرفاني قواه وباغت السلطان بالقول: ولكنك لست الله!. فبهت السلطان. يقول أبو الشطحات المهلكات ابن عربي في فتوحاته: (فتوقف السلطان له وقضى حاجته). أي انها قضيت في عالم بشري مادي بعد أن عبر السلطان عن رفضه الاعتراف بعالم مقامات العرفاء كما رفض مواطنه الإعتراف بمقام سلطانه. هذه الحادثة الواقعة ـ بحسب تصنيف أهل العرفان ـ في عالم الوجود البشري المادي ولم يخترقاه (السلطان ومواطنه) قاصدين عالم الوجد والوجود برقصات صوفية هستيرية تحت صخب الحان الدفوف والطبول. فلا السلطان كان في مقام عالم (الأنوار الإلهية) ولا مواطنه الأندلسي كان في مقام (عالم النبوة)، وكلاهما خضع للنسبة الواقعية المفترضة عندهما بين الواجب والحق، وتنازعا ألفاظا وضعت كل واحد منهما في حيز المقام البشري الواقعي الذي يجب أن يشغله بلا زيادة ولا نقصان ولا رفعة ولا كبر ولا ألوهية ولا نبوة.. فأحدهما مواطن عادي ككل المواطنين، بينما الآخر كان سلطانا عاديا ككل السلاطين. وكانت الحاجة حقا ملحا عند المواطن ومعبرة عن نقص فيه، وكان على السلطان الامتثال لواجب عبر عن نقص فيه أيضا، فكلاهما بشر على ما كان بينهما من مضمرات مذهبية عقائدية متعاكسة شقت حجب المقامات بلا حرج. ليس في الأندلس آنذاك مقامات مذهبية أصولية وأخبارية كالتي عندنا في البحرين، تتجاذب أو تتقاطع أو تتنافر حينا مع مصالح الدولة ومؤسساتها الإدارية، أو تتجاذب وتتنافر او تتقاطع حينا آخر مع المصالح الاجتماعية أو المؤسسات المشتركة. ولم يحدث أن سجلت الأندلس واقعة عنت بمبارزة كلامية أو مساجلات أو حوار بين مقامين في مذهب شيعي إمامي، بل لم تسجل حادثة واحدة دالة على وجود حركة مذهبية علمية أصولية أو اخبارية في هذه البلاد. وكل ما مُيز في هذه البلاد ذاك التزاحم التاريخي في منافسات ومنازعات بين أهل العامة على المذاهب الأربعة وأهل العامة على مذاهب العقل والكشف كالفلسفة والعرفان، وأهل العامة من رواد العلوم الطبيعية التي ذاع صيتها آنذاك.

مقامات البحرين

فأين مقامات البحرين من مقام الشطحات الأندلسية، وهل في البحرين أهل لمقامي (الوجود والموجود) ؟! . ولكن .. كلما نهض في البحرين أحدهم بموقف اجتماعي أو ثقافي أو سياسي مميز على فريق في المذهب الواحد؛ ناهضه آخر وناكفه، ليس في عالم الموجودات البشرية المادية حتى يقابل رمز ديني او مؤسسة دينية تابعة له رمزا دينيا آخر أو مؤسسة تابعة له، ولربما كانا وكيلين ممثلين لمرجعين مختلفين أو ممثلين مختلفي الاتجاه بين فريقي الاخباري والأصولي؛ إنما يتجاوز كلاهما الواقع المادي البشري الموجود وحجمه الحقيقي فيصعدان عند موقف الخلاف هذا إلى عالم المقامات العليا بحسب اصطلاح العرفانين: عالم الألوهية وعالم النبوة أو كلاهما معا. وربما لفت أحدهما تواضعا - على طريقة الشطحات الاندلسية- إلا أن زميله ليس إلها قائما على الشريعة ولا يخرج عن كونه محتاجا إلى المشاورة ويعتريه النقص ويصدر عنه الخطأ كأي مخلوق في عالم الموجودات البشرية، وأن المصير المذهبي في الواقع واحد غير متعدد؛ فيرد عليه الآخر: وأنت لست موسى حتى أكلمك تكليما!. ثم تتسع الشقة بينهما بحجم ذاك العالم او المقام فيستعصي على الجميع الحل والوفاق كما يستعصي على الأتباع إدراك المقاصد والغايات. وعلى هذا الأثر تسقط رموز
دينية وتصعد أخرى! 

                                                                                                                                                            

نفوذ المقامات                                                                                                                                              في جزيرتنا يتجزأ المذهب الإمامي إلى فريقين: اخباري وأصولي منذ القرن الحادي عشر الهجري وعلى عهدي الاخباري الشيخ محمد أمين الإسترابادي والأصولي الفقيه الشيخ محمد باقر البهبهاني. وتبلور فريق الأصوليين في البحرين أولا ثم تراجع في عهد الإسترابادي لصالح منهجي الشيخين يوسف العصفور وابن اخته حسين العصفور، ثم ساد الأصوليون شيئا فشيئا بعد تراجع الشيخ يوسف عن منهجه لصالح الأصولية أمام أعلمية الفقيه البهبهاني في كربلاء المقدسة. وساهمت الدول الثلاث الصفوية والقاجارية والعثمانية بدور فاعل في الإخلال بميزان النفوذ السياسي والاجتماعي بين منهجي الفريقين لصالح أحدهما في مراحل زمنية مختلفة ولدوافع سياسية خالصة. ويختلف الفريقان في أمور أساسية قدرها البعض بخمسة، من بين أهمها: تربيع مصادر التشريع وقطعية صدور روايات الكتب الأربعة واجتهاد مؤلفيها (الكليني والصدوق والطوسي). سارت العلاقة العلمية بين الفريقين في عصرنا الراهن في ود ووئام تامين. وجرت بعض حوادث الخلاف المتعلقة بتقاسم إدارة بعض المساجد ووجوب أو استحباب الجهر بالبسملة في الركعة الثالثة والرابعة في صلاة الجماعة الجامعة لأتباع كلا الفريقين وذلك بعد وفاة الشيخ باقر العصفور، لكن هذه الحوادث لم تكن تشكل مظهرا من مظاهر الخلاف الاجتماعي. فكل الصور الدينية بينهما باتت محصورة في الحيز العلمي، وتجري مناوشاتها أحيانا بين أهل الاختصاص في حوزتي قم والنجف المقدستين وحين يجري تقاسم الوظائف في تجمع علمائي محلي مناطقي. ولا يعتني عامة البحرانيين من منتسبي الأخبارية والأصولية بهذه المناوشات ولا يميلون كل الميل للاستماع إلى تفاصيل خلافها لأنهم يرون في الاختيار بين التكليف الأصولي والأخباري شأنا شخصيا لا وصاية فيه لأحد. وإن ادعت مؤسسة دينية مشتركة بينهما تبنيها للولاية المطلقة؛ فوصايتها وولايتها غير ملزمة إلا لمنتسبيها من بعض الأصوليين دون غيرهم.


مقامات الكسب
ولو بحثت بين عامة الناس عمن يشاطرك الرأي لمناقشة مناطق الخلاف العلمي أو قواعده بين الأخبارية والأصولية، ففي الأغلب الأعم انك لن تجد أحدا على أتم الاستعداد لذلك. فقد أشبع النقاش العلمي منذ أمد بعيد إلى حد التخمة ولم يعد العرف يستسيغ المناوشة أو المداولة أو الحوار في هذا الشأن على المكشوف. لكن المثير حقا في جزيرتنا أن تجري الأمور على غير مستقر في حيز المقامات الرمزية كلما تعلق الأمر بكسب موقع إداري رسمي في الدولة أو مس الحسابات الإستراتيجية على مستوى زعامة الطائفة في البعد السياسي والنفوذ الاجتماعي ومتعلقات جمع الحقوق الشرعية على وجه أخص!.

 
مقام التسعينات
فكلما حمي وطيس المنافسات وصورها في كلا التمثلين الرسمي والشعبي، أو لاحت في الأفق بوادر فوز أو فشل نضالي مؤسسي أو قيادي، أو نشأ فراغ زعامي أو تراتبي هنا وهناك ؛ يلجأ رموز الفريقين إلى اختراق عالم الموجودات البشرية ليضع كل واحد منهما نفسه في المقام الأول، مقام الإله، ولينتزع من الطرف الآخر الحق في أن يقوم بالمثل أو أن يضع نفسه في مقام موسى عليه السلام. ويشيح كلا الفريقين نظرهما عن معطيات الواقع وحجم ضغوط النقص وأثرها على كفاءة الأداء الزعامي أو الوظيفي في الوسط المذهبي العام. بغير الصورة العلمية واختلافها بينهما، كانت الأصولية والأخبارية بحثتا حتى منتصف التسعينات من القرن الماضي عن فكرة مشروع اجتماعي وثقافي وسياسي موحد جامع مانع محدد لصور العلاقة مع الدولة والمجتمع معا، يتقاسم واجهات الطائفة،
رسميا في المجلس الإسلامي الأعلى والقضاء والأوقاف، وشعبيا في المؤسسات التعليمية كالحوزات والمدارس الدينية ومناهجها وأنظمتها الداخلية وعلاقاتها الاجتماعية، إضافة إلى نظم الشعائر وأسس الجمع المركزي للحقوق الشرعية وطرق توزيعها. كل ذلك جرى بشكل سلس بلا أي برتوكولات تراتبية معقدة، في وقت كانت رموز كلا الفريقين الشيعيين استشعرت حجم الخطر الناجم عن الفراغ القيادي والمؤسسي من بعد ثلاثة عقود من الصراع الحركي مع الدولة ونظمها الأمنية والسياسية. ووردت في هذه المرحلة مسميات لهذه الفكرة كان أبرزها (المكتب العلمائي). إلا أن أمرا حال دون نجاح هذه الفكرة وتشييد أعمدتها: الشعور بالغبن الذي بدأ يدغدغ أذهان بعض الرموز الدينية من كلا الفريقين الأصولي والأخباري إثر التساوي القهري في المراتب بعد إخفاقات العمل السياسي المتمسك بآلية التمييز وصنع المقامات الرمزية العليا خاصة خارج دائرة العرف والتقليد والحط من مقامات أخرى
منافسة امتثالا لمتطلبات نظرية الصراع السياسي وتطور مراحلها إزاء تشدد نظم الدولة. فتبددت فكرة (المكتب العلمائي) بين ثلاثة اتجاهات تبنتها بعض الرموز الدينية من كلا الفريقين للتعويض عن الشعور بذلك الغبن: اتجاه تقليدي أول صمم على كسب ود السلطات السياسية تمهيدا للانفراد بكل المؤسسات الرسمية المتعلقة بالشأن الشيعي، إضافة إلى شغر وظائف رسمية أخرى في دائرة مشروع التوازن السياسي المذهبي في التشكيل الحكومي. واتجاه تقليدي ثان انفرد بمشروع نضال (ديمقراطي) نجح في ضم قوى المعارضة بمختلف اتجاهاتها وفرقها المذهبية والقومية في البحرين وخارجها إلى إطار سياسي موسع. واتجاه تقليدي ثالث لجأ لوسيلة البحث عن سند ذي سمة شمولية مهيأة لاستيعاب كل مراكز القوى التي ارتكز عليها المنافسان الأول والثاني وكل تفاصيل أدائهما الرسمي والمعارض، وتمثل هذا السند في التماس وكالات مرجعية دينية وغطاء شرعي أصولي قادر بمؤهلاته السياسية على توجيه دفة التيارات المتأثرة بتطور الأحداث الإقليمية والدولية، ومن ثم تحييدها جانبا وعزلها عن أي آلية توظيف سياسي يتبناها الاتجاهان المنافسان بلا مقابل. وعلى هذه الحال تبادلت الاتجاهات الثلاثة تهما علنية وسرية مختلفة دخلت فيها فتاوى الحلال والحرام عاملا خطيرا في تفاقم حال التباعد بين تياراتها، وكادت تشق الطائفة إلى قسائم تفوق في عددها قسائم الاصولية والاخبارية لولا ظهور
المفاجأة الكبرى لأحداث النصف الآخر من التسعينات وما تبعها من وقائع حيث جمدت الكثير من الخلافات ودوافع نموها بأثر شعبي ضاغط، ولكن النهاية كانت فاجعة أخضعت صفة المكاسب السياسية والإدارية بين الفرقاء الثلاثة إلى جدل بيزنطي خلط
الحابل بالنابل، فاختلط الأمر على كل الفرقاء من دون أي عبرة تُكتسب لمعالجة احوالهم الذاتية فضلا عن دوافع الإصرار التقليدي القديم على ترحيل كل النزاع ورموزه ومؤسساته وجهاته إلى عالم المقامات الكشفية العليا، عالم العرفاء المقدس، (مقام الانوار الالهة) ذي العصمة المطلقة. ثم تجد في السر شيئا من همس الهمج الرعاع هنا وهناك يميل الى تحليل أسباب كل الاخفاقات تحليلا فرقيا ينتهي في الغالب الى نتائج عقدية أصولية أو أخبارية أو نتائج متلبسة ببعض صورهما في السياسة تقية. وأما لو شئت توظيف آلة التمييز عندك بقصد التعرف على ملامح الخطأ في عالم البشر لا عالم المقامات العليا المقدسة بين هذه الاتجاهات الثلاثة؛
فسيجتمع الفرقاء كلهم في انتفاضة شعبية موحدة ووجودية ضدك!.
 

طباعة : نشر:
 
يرجى كتابة التعليق هنا
الاسم
المدينة
التعليق
من
رمز التأكيد Security Image
 
جميع الحقوق محفوظة لشبكة النعيم الثقافية © 2003 - 2024م