قالوا

 يعيش الجميع اليوم عصر الثورة المعلوماتية التي تنتشر فيها الأفكار و المعلومات بسرعة و سهولة من و إلى أي بقعة من بقاع العالم، و لكن ما فائدة هذا الكم الهائل من المعلومات في ظل هيمنة رأي واحد و فلسفة واحدة على نوعية هذه المعلومات، و أعني بذلك الولايات المتحدة الأمريكية التي تعكس بمثل هذه الأفعال حقيقة العالم الذي تمثله و تريد في نفس الوقت.

الأستاذ علي السكري
من الذي صام؟ الدرازيون أم النعيميون؟   |    في ذمة الله الشَّابة زهراء عبدالله ميرزا صالح   |   ذمة الله تعالى الحاجة جميلة حسن عبدالله    |   على السرير الأبيض الحاج خليل إبراهيم البزاز أبو منير    |   برنامج مأتم الجنوبي في ذكرى ولادة السيدة الزهراء    |   في ذمة الله حرم الحاج عبدالله سلمان العفو (أم ياسر)   |    في ذمة الله الطفلة زهراء جابر جاسم عباس   |   نبارك للأخ الطالب محمد حسن علي ثابت حصوله على الماجستير في إدارة الأعمال    |   رُزِقَ الأخ عبدالله علي آل رحمة || كوثر || 12/12/2021   |   دورة تغسيل الموتى    |   
 
 الصفحة الرئيسية
 نبذة تاريخية
 أنشطة وفعاليات
 مقالات
 تعازي
 شخصيات
 أخبار الأهالي
 إعلانات
 النعيم الرياضي
 تغطيات صحفية
 ملف خاص
 خدمات الشبكة
 المكتبة الصوتية
 معرض الصور
 البث المباشر
 التقويم الشهري
 أرسل خبراً
 اتصل بنا
 
مقالاتالأستاذ كريم المحروس
 
الرأس بالرأس في مناطحات تيار العسر وزعماء اليسر
شبكة النعيم الثقافية - 2004/01/26 - [الزيارات : 5813]

بسم الله الرحمن الرحيم

الرأس بالرأس في مناطحات تيار العسر وزعماء اليسر

غلبتنا الكآبة ، ورافقت أيامنا غيوم حزن داكنة . وكادت كل آمالنا تتحطم على صخور الغربة الوعرة في بلاد المهجر بعد تفاقم أحداث عام 1981م وتطوراتها.. ومن تبقى من أصدقاء العمل السياسي في جزيرتنا الصغيرة كبلته الأصفاد واقتادته إلى السجون، أو توارى عن الأنظار في احسن الأحوال أو احتجب وراء مظهر عنيف من مظاهر التقية.

في مثل هذا الظرف القاهر شرع كل واحد منا في البحث عن نظرائه في أخوّة الهجرة والغربة القسرية الموزعة في بلاد متفرقة، وعشق البعض منا التعلق بقرين خير له في عاطفة جياشة  لعله يجد عنده ما قد تأنس له نفسه وتسكن إليه جوارحه من كلمات مشجعة على الصبر وأفكار باعثة على الصمود.. والى جانب ذلك، كان كل واحد منا
يجتهد في تغذية ما تبقى له من آمال ويدعمها بأفضل الحديث وأحسنه، حتى عزم الجمع في لحظة قرار حاسم عَسِرْ على القفز بالذوات المغلوبة على أمرها، إلى حيث مبدأ الإصرار على أداء الواجب الوطني وتحمل مسؤولية التغيير الثقافي والسياسي مهما كانت طبيعة الأحوال والظروف. وفي اعتقادنا الراسخ، أننا كما كنا نألم لمصابنا، كذلك السلطات كانت تألم لمصابها وتنوح إلى حد الجزع، وكنا نرجو مطالب سامية فيها تحقيق للعدل وسيادة القانون وإخراج للبلاد من دوامة الفساد القبلي والطائفي والإداري، وهذا ما لا ترجوه السلطات ولا تبتغيه، فكانت آلامنا تستحق الصبر والحسبان.

واستدارت رحى تلك الظروف والأحوال حتى شاءت أن التقي في بلد عربي مواطنا بحرانيا استطلعت منه تطورات الوضع السياسي في جزيرتنا، ورحبت بازائها بكل تصوراته وتحليلاته. فقد عرفت فيه رمزا لتيار ديني سياسي منافس كان لا يؤمن بنا تيارا سياسيا في دائرة التعددية المعارضة، بل ربما ألقى علينا مسؤولية تأزم الوضع الأمني وضيق أفق العمل الاجتماعي بين الناس.ولكن ذلك لم يحجبن عن الظن بوجود غشاوة مضروبة مآلها نور يبددها في حينه.
والحق أقول، كان لقاؤنا حميما ووديا وجديا. وكانت سعادتي بلقائه تفوق سعادته بلقائي .. وتداولنا أحاديث شتى، كان من بينها هذا المقطع من الحوار:

-
أنا متأسف جدا للعبة القذرة التي اتخذتها الحكومة مسلكا لتشتيت قوانا ثم قواكم، فانزوت بنا ثم أتت على مؤسساتكم ورجالكم وبددتها أيما تبديد..إن المقدمات التي أثارتها الحكومة فيما عرف بـ(مشاكل إثبات ذات المرجعية) بين الجمعان السياسيان، وعاثت عناصر مخابراتها بين هذه (المشاكل) فسادا بشكل مطلق، كانت ظاهرة في العداء إلى الحد الذي جعل أصحاب الألباب منا ومنكم يحذرون مرارا من بدعة (الاصطفاء المرجعي) المرتكزة على مفهوم الإقصاء السلبي، ويطلقون صفارات الإنذار بين التيارات الدينية المتنافسة خشية الولوج في طريق كارثي لا قدرة لأحد على تجاوز منعطفه الخطر.
-
أنا متأسف جدا لكل ذلك ، ولما عانيتم بيننا وفي غربتكم ، واشد على أياديكم. فتلك أيام غدت ذكريات لا تنسى، وفيها كل العبر التي لن تمحى من الأذهان!
-
ونحن فرحون جدا لاستمرار نشاطكم الثقافي والاجتماعي وتغطيتكم لأغلب مناطق البلاد بعد الحجر الذي ضربته السلطات الأمنية على كل أنشطتنا ، وكنا نشعر دائما بسعادة تغمرنا في بلاد الغربة كلما سمعنا بالجهود الدعوية المستمرة التي تبذلونها في سبيل الرفع من شأن شعبنا ووعيه. ولكننا توقعنا الدور الآخر للمخابرات السياسية ..توقعنا فيكم الضحية من بعدنا..فهذه عادة متأصلة في أحكام الاستبداد حين تنشب سكاكينها في الوطن بلا حجاب رادع.
-
إذن انتم بهذا القول الأخوي الحميمي على غير ما كان كثير منا يرى بين تيارنا .فتيارنا الى جانب تياركم كانا موغلين في المناهضة إذن؟!
-
نحن نتكامل بكم وانتم تتكاملون بنا ، وهذا ما أوصلته الأيام والأحداث بنا وكرسته اعتقادا في عقولنا وثبتته واقعا تجريبيا لا استغناء عنه. وليس لأحدنا من خيار البعد عن الآخر ما بقينا معارضين سياسيين، فكيف بنا على صفة رسالية اجتماعية دينية محكومة بتقاليد تاريخية عريقة عمرها بعمر هذه الجزيرة !.. فكلنا مندك في راية واحدة مختلفة الأساليب تبعا لاختلاف الظروف السياسية ومقتضيات الظروف الأمنية وطبيعتها. وما كان ينقصنا آنذاك سوى الالتفات إلى خبث السلطة، فهي كيان أمنى أحمق لا سياسة فيه أبدا.
-
نعم. ففي هذه اللحظات التي يتجرد الواحد منا عن ضغوط التيار وإيحاء الأشياع، يرى الحقائق بأشيائها ويرى الأشياء بحقائقها !. لقد كان الجهل مطبقا كما تعرف، وخبرات تياراتنا مطلقا في بداياتها وأيامها الأولى.
-
الواقع.. اليوم.. يؤكدان على أن دورنا على غير دوركم، إن هي إلا أدوار فحسب نتخذها وتتخذونها ويتخذها غيرنا سبيلا، ولكن الأدوار كلها تنتهي إلى غاية واحدة، ولا تعارض ولا تضارب ولا تناقض بين الأدوار كلها أبدا. فلنجعل هذا الأمر نصب أعيننا دائما وأبدا.

 هذه صورة مثالية واحدة من صور الأمس القريب، ونحن كنا فيها بين معذب مقتول أو مبعد أو مشرد أو معتقل أو سجين أو مقيد بأصفاد قوانين الطوارئ سيئة الصيت. وبرغم ذلك، تقترب في إطار هذه الصورة القلوب والعقول كلما اشتدت هذه المصائب وتركت آثارها عميقا في النفوس، ويرى فيها بعضنا البعض الآخر على الحقيقة في
صفاء ذهني كلما اشتد البعد واتسع على ضغوط الأشياع.

لقد تكاثرت الصور المثالية الحية وازدانت، فعرفنا وشاهدنا بعضها في بلاد المهجر وفي العاصمة البريطانية على وجه التحديد. لكن هذه الصور غالبا ما تثير في المراقب لوضع البلاد في وقتنا الراهن استفهامات عن ماهية العلاقة بين التيار والزعامة بعد عودة كل المبعدين والمهاجرين برموزهم وقادتهم وكوادرهم المتقدمة
والمتأخرة إلى البلاد.فمن يقود الآخر ؟

إن في ذلك الكثير من الشواهد والوقائع، وقد دلت على أمرين في غاية من الخطورة

الأول : أن التيارات السياسية غالبة على ما تمثله من قيادة ورموز في اغلب الأحيان ، وتظل بحاجة للكثير من الرعاية الاجتماعية وللزيادة في الوعي الثقافي والسياسي . وفي ذلك يتجه البعض من مثقفي بلادنا إلى الربط العضوي بين هذه الزعامات والرموز وبين التيار. فلا موقف صبياني متجاهل، أو إجراء فئوي طائفي
متحزب، أو سلوك سياسي مراهق، إلا وتكمن من ورائه مباركة وحث قيادي. ويضرب البعض في ذلك مثلا، في المساجد أو الحسينيات أو الحوزات أو الصناديق الخيرية أو الصفحات الإليكترونية أو الجمعيات الثقافية أو السياسية ، أو في الأعم مناطق النفوذ ، المتنازع على خصوصيتها أو ملكيتها!.

الثاني: أن الزعامات والرموز الدينية تجد عسرا مبينا في تنصيب جذر النصيحة بين المتنافسين، أو بين المتصارعين على غير تقوى أو على غير وعي سياسي بين التيارات، و تجد نفسها في حيرة عند مطلب الخيار أمام مبدأ تغليب المصلحة العليا على المصالح الدنيا. كما تشعر بأنها في حاجة ماسة لتطوير قدراتها في فن الرقابة ومبادئ التوجيه والإرشاد وصناعة الكادر الكفء في مراحل التشريع والتنفيذ.

وهناك صور شعبية جاءت مخزية، وتبدي الكثير من ألوان التخلف والتقهقر، وعمدتها إلى وقت قريب: ظاهرتي الصراع على مراكز النفوذ بألوانها الاجتماعية والسياسية والثقافية و صراع المرجعية الدينية. وهما ظاهرتان مستمرتان في التفاقم منذ السبعينات حتى اليوم، ولم يتصد لحلها علية قومنا:القادة والرموز والعلماء وأصحاب الشأن الكبير من الموجهين المثقفين بيننا، وكأن هناك مصلحة خاصة تشكل المعيار الأولي عند بعض هؤلاء.

واتسعت هاتان الظاهرتان وتمددت واندمجت عناصر بعضها في أشكال سياسية واجتماعية متزاحمة أو مترابطة، فتعسر بعضها على الفهم والإدراك إلى الحد المربك لقنوات العمل السياسي والاجتماعي فجعلها تعقد ألف حساب وحساب، وترصد ألف كتاب وكتاب، والخوف كله مما يضمره التيار وقواه في التصنيف والاصطفاء والإقصاء، فيحسب فلانا مقدسا على جماعة فلان، وفلانا أولى من فلان، وفلانا يستوجب المقام ردعه في مقابل تكريم فلان والرفع من مقامه، والمدرسة الدينية أو الحوزة لا شأن لها في دائرة نفوذ فلان، والصندوق الاجتماعي الخيري لا شرعية اجتماعية له إلا تحت مظلة فلان، ولا مسجد ولا حسينية ولا حتى أعمال الدعاء والزيارة والصلاة
والعزاء ودروس الفقه والمحاضرات والندوات السياسية أو العلمية أو الفكرية أو المنهجية إلا ويجب أن تحض بمباركة فلان، ولا نقابة ولا مسرح إلا ويستمد قوته ومكانته من تلك الجمعية أو تلك اللجنة أو تلك الشخصية الفلانية.

إن السنوات الأربع الماضية التي استحل مجتمعنا فيها هتك عرض استبداد السلطة وهيمنتها من بعد سنوات القتل والقهر والسجن والإبعاد، تآلفت فيها مجموعة من الامتحانات العسيرة على النفوس المريضة التي أوجب بعضها مراودة المناصب الحرام في القطاعين العام أو الخاص بمبررات تفتقر إلى الدقة والصحة. إلى جانب ذلك،
خضع البعض لحاكمية الازدواجية في التفكير السياسي أو الاجتماعي، فاستباح بعض مشاريع السلطات لنفسه وحرمها على الآخرين، أو حرم بعضا آخر من مشاريع السلطة على نفسه وأحلها لآخرين.

لقد أضافت ظواهر صراعات النفوذ، والمرجعية، والازدواجية في الفكر السياسي والاجتماعي عبأً جديدا إلى حساسية العلاقة بين الزعامة والتيار، فاختلطت الأمور وتشابهت، وبات معها التعرف على حقائق الأمور وأشيائها عند الأشياع عامة صعبا مستصعبا. وأمسى كل عنصر من عناصر هذا التدافع مجدا في العمل وفق مرجعية
ذاته بدون أدنى تشاور أو رعاية للأجواء الدينية والسياسية والاجتماعية العامة ومدى حصانتها المضادة أو استعدادها لتبني مثل هذه الظواهر مبادئ أخلاقية وبدعا مستحدثة تضفي في آخر الأمر على منهج السلطات مسحة شرعية او قريبة منها تحت رحمة ما توصلت إليه من مخطط أقصى جانبا حق الناس في انتخاب التشريع العادل.

لقد اخذ البعض مأخذا عظيما على مطلب عقد انتخاب مجلس تأسيسي لصياغة دستور عصري جديد. وحشد هذا البعض التيار للدعوة إلى إعادة تفعيل دستور 1973م وفي قطعه انه اكثر واقعية ومن خلفه مجموعة من المكتسبات التي ربما تشكل ضاغطا سياسيا على السلطات، وتناسى حساسية العلاقة بين مبدأ الزعامة ومفهوم التيار. ولم يكن
عقلاء السياسة في حينه يعتقدون بأن دستور عام 1973م غير صالح على الإطلاق، بل كانوا ينظرون بحذر كبير إلى جهة ماهية السلطة ومكوناتها فضلا عن التيار الذي يوجب مقدما رعايته وحمايته.

فلو تصورت مجريات سياسية مثالية على غير الوقائع الحاصلة اليوم، وفيها التزمت السلطات بدستور عام 1973م حتى انتشى التيار فرحا وطربا. وبازاء ذلك شكلت في المجلس التشريعي  المبجل غالبية نيابية، فماذا ستحقق الغالبية للتيار تحت سقف السلطات القائمة ؟ . وهل ستطالب باستقالة رئيس الوزراء وإخضاع منصبه لثقة المجلس النيابي مثلا ؟!، وهل ستشكل ضغطا سياسيا حقيقيا على وصف (الرأس بالرأس) أم أنها ستكون اكثر حذرا وستسعى لإرضاء التيار بما تملك من وسائل سياسية للمحافظة على هذه المكتسبات المدعمة برضى السلطات فلا تشذ بذلك عندئذ عن برلمان اليوم، بل ربما تكون هذه الغالبية البرلمانية اكثر لينا ورخاوة أمام قضية مشابهة لقضية التأمينات والتقاعد التي ضربت فيها السلطات أروع قصة لمسرحية مثلت الصورة البرلمانية التي حدد هيئتها سلفا واضعو نصوص الميثاق والدستور وقالوا:لا صورة أخرى غير هذه، وليعلم القادمون الجدد وليعلموا التيار بذلك وليروضوه!

ولو بنت المعارضة أقصى ما تتمناه من طموح سياسي، فان التيار يهمه في المقام الأول وضعا اقتصاديا مريحا وخدمات حكومية مجزية. وتحقيق ذلك يظل رهن إشارة السلطات، فإن شاءت عدلا فإنها ستحققه، وان شاءت استبدادا فإنها لن تحققه وان تطلب الأمر إقالة ذاتها في مسرحية جديدة ملزمة لاستقالة البرلمان. ولا يحدد
خيار هذه المشيئة إلا وجوه البرلمان أو اتجاهات تكتلاته بدون أدنى اهتمام أو اعتبار لوضع التيار العام وحساسيته عند اتجاهات التكتلات البرلمانية.

وقد رأينا من خلال التجارب السابقة كيف أن الحكومة أنجزت الكثير من الخدمات بعد حلها المجلس الوطني كانت امتنعت عن إنجازها تحت مظلة الدستور والبرلمان المنتخب. كما رأينا في وضعنا الراهن كيف أن مجموعة من المنح والمكرمات وبعض من الخدمات الحكومية، جردت التيار السياسي العام من بعض رموزه ، وأخضعت الغالبية السياسية المعارضة لدستور 2002م فأربكتها ، حتى ورد عنها أن موقف المقاطعة من البرلمان كان خِطأ كبيرا يستوجب إصلاحه بالاستعداد منذ الآن لدخول الانتخابات القادمة بالرغم من كون التيار نفسه كان الداعية الأول والضاغط الأكبر لتحقيق مقاطعة مبرمة.

إن المشكل في بلادنا في واقع الأمر يكمن بين مكونات السلطة أولا. وأظن أن هذا المكون سيبقى مراوغا ومتمسمرا في مواقعه، لأنه يمثل في اصل الأمر جوهر السلطة ومركز قواها. فإذا لم تخضع السلطات لأي تغيير أو تطوير تحت مظلة برلمانها الراهن، فإن السلطات نفسها لن تراهن على مكوناتها ولا حتى على هيكلها الإداري
أمام برلمان تؤيده الغالبية الشعبية. وثانيا: إن التيار السياسي وليد لجهود المعارضة ورموزها وقادتها، وهو اكثر قوة مما يتصوره البعض، ومراسه لا يضاهى ولا ينافس بحكم شبابيته ، كما لا يقبل المرونة والازدواجية السياسية في سرعة هائلة إذا ما لزم الأمر بالرغم من كون المرونة والازدواجية من لوازم مثل هذه الأوضاع المتأزمة.ولكن هذا التيار يقبل الحشد والتأجيج بسرعة هائلة إذا ما وظف في صراعات جانبية، كالصراع على مراكز النفوذ والصراع  على إثبات ذاتية المرجعية، وكأن هذا التيار قد بني على أسس من الفكر الثوري السلبي شبيه بالفكر
الماركسي، فإذا ما تفاقمت دوافع وعوامل السلب ومظاهره، نهض التيار بكل عنفوان وشجاعة وعرض نفسه مصارعا مفتول العضلات ! .

إن بلادنا في حاجة ماسة منذ الان للاستقرار الاجتماعي، وليفعل البرلمان الحالي ما يحلو له. وهذا الاستقرار لن يتم إلا باستقرار التيارات الفكرية والسياسية على منهج عمل أصيل. وفي تصوري، أن برنامج الجمعيات السياسية والاجتماعية من بعد مقاطعة البرلمان، لم يفلح في تنظيم أولوياته، ولم يوجب وضع الاعتبار لعمليات بناء تيار سياسي وثقافي واجتماعي مهذب وموحد عضويا، ومحصن بالتقوى ضد فكر الإقصاء والاصطفاء، ومجرد من نزعة تضخيم الذات القائمة على حساب وحدة المجموع، ونابذ لخارطة تقسيم مناطق النفوذ التي ما انزل الله بها من سلطان، ومدرك للعبة السياسية برمتها وبمداخلها ومخارجها، ومؤمن بأن هذه الوحدة العضوية مشروع مقدس يوجب المحافظة عليه وتنميته في كل الظروف والأحوال وانها المطلب الذي لا خسارة في تحقيقه ابدا، وهو ثمرة يانعة بالقوة وبذرة طاهرة بالفعل.

كريم المحروس
22/1/2004
م

طباعة : نشر:
 
يرجى كتابة التعليق هنا
الاسم
المدينة
التعليق
من
رمز التأكيد Security Image
 
جميع الحقوق محفوظة لشبكة النعيم الثقافية © 2003 - 2024م