البحرين تودع الوجيه الحاج حميد آل نوح بعد عقود من العطاء
النعيم - مالك عبدالله
ودعت البحرين يوم أمس رجل الأعمال الوجيه الحاج حميد عبدعلي آل نوح، إذ انتقل إلى رحمة الله صباح أمس بمجمع السلمانية الطبي، بعد أن قضى 13 يوماً راقداً فيه بعد إصابته بوعكة صحية.
وتلقى الفقيد العلاج في الهند لنحو 23 يوماً وعاد للبحرين وبعد أيام من استقباله للزوار، أصابته وعكة صحية نقل على اثرها إلى مجمع السلمانية الطبي.
وولد الفقيد في العام 1945 وامتدت حياته المليئة بالعطاء في الكثير من المجالات فمن عمله في الحقل التجاري ومساهمته في الأعمال الخيرية إلى رعايته إلى حملات التبرع بالدم وصولا إلى حبه إلى العمل الجماعي، إلى أن انتقل إلى جوار ربه في هذا العام (2012).
من جهته اعتبر رجل الأعمال وصاحب حملة الكاظم الحاج إبراهيم الكاظم أنه فقد برحيل الحاج حميد آل نوح «أخا عزيزا، فهو الإنسان الذي كانت يده دائما ممدودة لمن يعرفه دون حدود»، وتابع «عملت معه سنوات طويلة في البحرين وخارجها كشركاء ولم يحصل يوم من الأيام أن اعترض عليّ وكان في حديثه يقدمنا على نفسه وهذه احدى ميزاته، وكان قريباً جداً وحنانه يشعرك كأنه الأب وفقداني له هو فقدان لأخ عزيز، وإنسان كالأب في حنانه الكبير والفياض»، وواصل «كما أنه من أول المبادرين في مساعدة الفقراء والمساكين واصحاب الحاجة، وكذلك يكون ضمن المحبين للعمل الجماعي»، وأضاف «كنا نتمنى أن يشاركنا المرحوم في افتتاح مشروع الفندق في مدينة كربلاء المقدسة».
إلى ذلك قال الاقتصادي حسين المهدي انه عرف الفقيد «منذ سنوات طويلة إلا أن علاقتي به أصبحت اكثر قوة في نهاية العقد الماضي وبداية العقد الحالي»، مشيرا إلى أن «الفقيد هو رجل أعمال ذو رؤية ورسالة من الطراز الأول ولا يتأخر عن دعم مشروعات العمل الخيري أو اية مشروعات تدعم الناس، لذلك دخل في تأسيس جمعية العمل الخيري الاجتماعي البحرينية»، وأضاف «لعل من اهم الافكار التي قادها هي فكرة مشروع انشاء مصنع حديد ولم تكلل بالنجاح»، وتابع «أما انشطته فكانت تصب في مصلحة الجميع، كما كان متواصلاً مع الجميع دون تفرقة، كما اهتم بموضوع التعليم التدريب وشارك في مجموعة من الانشطة التعليمية والتدريبية في البحرين وكانت له اليد الطولى في دعمها».
من جانب آخر عبر عدد كبير من المغردين في موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» عن حزنهم لرحيل الفقيد، وبثت الحسابات التابعة للحسينيات والمؤسسات والاشخاص خبر وفاته مقدمة العزاء في رحيله باعتباره أحد رجالات الخير والعطاء، وقال النائب السابق سيدمحمد مجيد أن «الحاج حميد آل نوح كان من فاعلي الخير المعروفين، لا يرد سائلا، وكان مبادرا لكل أوجه البر والإحسان، جعلها الله في ميزان حسناته»، وكتب المغرد حسن علي «نسأل الله ان يتغمد فقيد البحرين الوجيه حميد آل نوح بواسع رحمته ويسكنه فسيح جناته... فقد كان محبا لعمل الخير وصاحب اياد بيضاء».
--------------------------------------------------------------------------------
الفقيد روى سيرة حياته لـ «الوسط» في حديث الذكريات
أجرت «الوسط» مع الفقيد الوجيه الحاج حميد آل نوح عددا من اللقاءات أبرزها لقاء نشر على حلقتين في حديث الذكريات، الجزء الأول من اللقاء نشر في 8 يونيو/ حزيران 2003 والجزء الثاني في 9 يونيو 2003، حينها كان مضى على مشواره كرجل ناجح في عمله نحو 33 عاماً وهو رئيس مجلس إدارة شركة عبدعلي عيسى وأولاده، ومع رحيله يكون اكمل نحو 42 عاماً من الحياة العملية الناجحة التي تزينت بأعمال الخير التي كان يرعاها.
في هذا اللقاء تبينت بعض ملامح حياته، فهو إنسان تربى على الأصول، عرف ان الصدق منجٍ، وان العمل عبادة، وان الحق لابد أن يصل إلى صاحبه، وان العاقل لا يصاحب الجاهل، ولم يولد (وفي فمه ملعقة من ذهب)، ولكنه ولد ليجد أبا أكبر من كل كنوز الدنيا، وفي حضن هذا الأب تعلم الكثير من دروس الحياة.
عرف ان العقل البشري لا يقف أمامه مستحيل، وان الطموح يعني أن تعمل وتتعلم، وان الإدارة لا تعني إلقاء الأوامر والكرسي الوثير، وان المسئولية هي أن تعرف ان الكل في الواحد، وان غلطة الشاطر بألف.
تحدث في اللقاء عن والده وبدايته في تأسيس الشركة، مرجعا الفضل إليه، واصفاً والدته بأنها «كانت أما حنونا إلى أقصى درجات الحنان، محبوبة من كل أهالي المنطقة، الكل يعشقها، ويفخر بها، والحقيقة أشعر بالفخر والاعتزاز بهذه الأم التي تعبت كثيرا في تربيتنا، وتعلمنا منها الكثير».
وأشار إلى انه بدأ حياته العملية في «صيف 1957، كنت أذهب إلى والدي لأتعلم العمل عندما تغلق المدرسة في الصيف، وكنت أجلس مكانه عندما يسافر للعمل».
وشدد الفقيد خلال اللقاء على إيمانه بأن العلاقة والسمعة الحسنة جزء من التزام الشركة نحو زبائنها، ويثبت صحة الأمثال التي تقول «ابن الوز عوّام، واللّي خلّف ما مات»، ولفت إلى أنه بدأ العمل رسميا مع والده «في العام 1965 حين حدثت مظاهرات وإضراب في البحرين، هربنا جميعا من المدرسة، ومن يومها قررت أن أعمل بصفة رسمية لدى الوالد»، وبين أن «اللغة الإنجليزية كانت الصعوبة الوحيدة التي واجهتني، لم تكن مدارسنا في تلك الأيام تعلم الإنجليزية بأسلوب سهل»، وتابع «تغلبت عليها من خلال تعاملي المباشر مع الجيش البريطاني، فقد كنا نمون الجيش البريطاني بمواد البناء، وخلال هذا التعامل كنت أكتسب الكثير من الكلمات، وهكذا تعلمت الإنجليزية، تعلمت الفهم والقراءة، ولم أتعلم الكتابة، ولكنني استطعت إنجاز عملي».
وأكد أن والده علمه أن «العمل الحقيقي يعني الخروج من المكتب والتعامل مع كل متطلبات العمل مثل العمال تماما، حتى أفهم كيف يجري هذا العمل، وهذا كان يساعدني على حل جميع المشكلات التي تواجهني»، وتحدث عن استيراد الاخشاب وبدايتها وأنواعها، وقال «يصبح العمل الحر مجازفة عندما يدخل المرء تجارة لا يفهمها، فالذي يدخل عالم تجارة لا يعرفها يضيع، والذي يغش في تجارته يفقد احترام الآخرين، ولكن فيما عدا ذلك فإن العمل الحر يمكن أن يعطيك الكثير إذا أخلصت له وأعطيته، العمل الحر يعطي المرء فرصا أكبر للتطوير والنجاح»، وواصل «نعم أشجعها، ولكن لابد أن يعشق البحريني عمله، قبل أن يطالب بالبحرنة، والبحرنة واجب وطني، وعلى التاجر أو المسئول في أي مكان أن يأخذ بيد البحريني، ولكن على أن يسعى البحريني إلى التعلم وتطوير نفسه، وأن يكون مخلصا في عمله، وليعرف انه كلما أعطى العمل حقق طموحه فيه. ونحن لا ننسى أن البحرينيين القدامى هم أصحاب النهضة في الخليج، ولا يستطيع أحد نكران فضلهم».
ونصح الشباب بأن «يضع في اعتباره ان هذا البلد بحاجة إلى سواعد قوية ومخلصة للقيام بمسئولياته، هذا البلد بحاجة إلى تحمّل المسئولية في كل المواقع، فكل منا يساهم في نهضة بلده إذا عمل بجد وإخلاص ووضع مصلحة الوطن نصب عينيه»، واستكمل «ليعرف الشباب انه أكثر حظا من الجيل السابق، فلم تتوافر لدينا في ذلك الزمان الدراسة الحديثة التي تؤهلنا لمواكبة العصر، ولم تكن هناك كل التقنيات الحديثة التي تتيح للإنسان فرص الاتصال والمعرفة».
|