بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد الأنبياء والمرسلين محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أدوار متعددة في اتجاه هدف واحد: إن التغاير في أساليب الأئمة لا يشكل تناقضا وتباينا – كما تحاول أن تفهم ذلك بعض القراءات – فثورة الإمام الحسين عليه السلام لا تتناقض مع صلح الإمام الحسن عليه السلام، وإنما هما دوران متكاملان، ينطلقان من أهداف مركزية واحدة تتمثل في الحفاظ على الإسلام والدفاع عن مبادئه وقيمه، وحماية الأمة من كل أشكال التسيب والانحراف، ومواجهة كل ألوان الظلم والفساد، وإنما التغاير في الأساليب والأدوار فهو خاضع لمجموعة عوامل موضوعية تفرض هذا التعدد والتنوع.
والدرس الكبير الذي نستلهمه من هذا الواقع الذي عاشه أئمة أهل البيت عليهم السلام في تعدد أساليبهم وفي تنوع أدوارهم، هذا التعدد والتنوع المحكوم لأهداف مركزية واحدة وبحسب مصطلح العصر (أهداف إستراتيجية) الدرس هو أن يعتمد الدعاة والناشطون الإسلاميون في حركتهم الرسالية مرتكزين أساسين: - المرتكز الأول: أن يكون لهم هدف مركزي إستراتيجي ثابت لا يتغير مهما اختلفت الظروف والأوضاع، هذا الهدف المركزي هو حماية الإسلام والدفاع عن مبادئه وقيمته وتحصين الأمة ضد أشكال التميع والضياع والظلم والفساد. - المرتكز الثاني: أن يكيفوا المتغيرات الزمانية والمكانية حسب الظروف الموضوعية، بشرط أن تكون الأساليب والأدوار خاضعة للضوابط الإسلامية، وإلا شكلت تنافيا مع الهدف المركزي الذي يجب أن يحكم حركة العمل الرسالي.
وهنا يطرح سؤال: هل يمكن تتعدد الأدوار والأساليب في المكان الواحد؟ نعم يمكن ذلك .. بشرط أن لا تتصادم هذه الأدوار المتعددة، وأن لا تتساقط بل يجب أن تتكامل وتتواصل مادامت محكومة للأهداف المركزية المشتركة.
قد تتعدد الأدوار بحسب المسارات: فهناك الدور الروحي، وهناك الدور الثقافي، وهناك الدور الاجتماعي، وهناك الدور السياسي، وهذه الأدوار قد يمارسها شخص أو مؤسسة أو تنظيم، وقد يمارسها أشخاص متعددون أو مؤسسات متعددة أو تنظيمات متعددة، وقد تتعدد الأدوار في المسار الواحد لضرورات تفرضها طبيعة الواقع وحركة الظروف فلو أخذنا المسار السياسي مثلا، فقد تفرض الحاجة أن تتعدد الأدوار فربما مارس البعض حراكا ثقافيا سياسيا، ومارس البعض حراكا إعلاميا سياسيا، ومارس حراكا مواجها، ومارس البعض حراكا مسلحا، مع التأكيد أن المسالمة هنا لا تعني المسايرة والمتابعة والخضوع لإرادات الأنظمة الحاكمة، والمسالمة لا تعني دائما الصمت والابتعاد عن مواقع التصدي والمحاسبة، بل المسالمة انتظمت ضمن مسارات المعارضة، فالمعارضة للأنظمة السياسية الحاكمة لها صيغتان ولكل صيغة مبرراتها وظروفها الموضوعية. - الصيغة الأولى: المعارضة من خلال أسلوب الثورة والمواجهة المسلحة. - الصيغة الثانية: المعارضة من خلال الأساليب السلمية، والتي لا تصل إلى حد الثورة والمواجهة المسلحة. فحينما نتحدث عن المسالمة لا نتحدث عن الخضوع والاستسلام والعمالة لأنظمة الحكم، وإنما نتحدث عن لون من ألوان التصدي والمعارضة، حينما تكن الظروف الموضوعية تفرض هذا اللون من التصدي والمعارضة.
جريمة نكراء يرتكبها الصيانة: ويستمرالصهاينة الحاقدون في جرائمهم النكراء وضمن مسلسل هذه الجرائم يأتي اغتقال المجاهد الكبير القائد العسكري في حزب الله الحاج عماد مغنية ( الحاج رضوان) والذي امتدت إليه الأيدي الأثيمة أيدي الصهاينة المجرمين ليسقط شهيدا يحمل أكبر وسام في خط الجهاد والمقاومة والدفاع عن مقدرات الأمة ومقدساتها. الشهيد الحاج عماد مغنية كان الاسم الذي ظل يرعب أمريكا، ويرعب الصهاينة، ويرعب قوى الاستكبار طيلة هذه السنين الأخيرة مما وضعه على رأس قائمة المطلوبين للمخابرات الأمريكية ومخابرات الكيان الصهيوني. وأخيرا تم الظفر بالرجل الأسطورة، وحدث التفجير في العاصمة السورية والذي أودى بحياة هذا القائد العملاق. إن غياب هذا القائد الكبير شكل خسارة عظمى لحزب الله وللمقاومة الإسلامية ولكل المجاهدين، ولكل الأمة. وهكذا تستمر دماء الشهداء، دماء الشهيد راغب حرب، ودماء السيد عباس الموسوي، ودماء الاستشهاديين في لبنان وفلسطين، وكل الدماء التي سالت من اجل المبادئ الإلهية ومن اجل القيم الربانية، هذه الدماء هي الامتداد لدماء كربلاء ، ولدماء الحسين عليه السلام وأنصار الحسين عليهم السلام، الدماء التي انتصرت على السيف، وعلى القمع والظلم والإرهاب، الدماء التي انتصرت على بطش الطغاة والجبارين. لقد سفك دم السيد الصدر على أرض العراق، وسفكك دم الشيخ المطهري على تراب إيران، وسفك دم الشيخ راغب حرب ودم السيد عباس الموسوي على أرض لبنان، وسفك دم الحاج عماد مغنية على أرض الشام، وسفكت دماء كثيرة وكثيرة على أرض كثيرة وكانت هذه الدماء هي وقود الثورة ضد الظلم والظالمين، وضد القهر والاستعباد أمة لا تنجب الشهداء هي أمة ميتة، امة عليها الذل والهوان. تغمد الله شهداء الإسلام بوافر الرحمة والرضوان وتغمد شهيد المقاومة الإسلامية الحاج عماد مغنية بالرحمة والرضوان. - فإلى روحة رحم الله من يقرأ إلى روحه سورة الفاتحة-
كلمة أخيرة: نحن نحرص كل الحرص على أمن هذا البلد واستقراره ولسنا ضد تطبيق العدالة، ولكن - السؤال المطروح: هل أن ما يجري من اعتقالات ومحاكمات هو خاضع لضوابط العدالة؟ أساليب الاعتقالات تحمل انتهاكات صارخة، هكذا تحدث المعتقلون وأهالي المعتقلين، رغم إنكار أجهزة الأمن لهذه الانتهاكات والتجاوزات.. أوضاع السجون سيئة للغالية، الأعمال المشينة التي تمارس ضد المعتقلين، أشكال من الضغط لإجبار المعتقلين على الاعتراف ، وهنا أيضا يتكرر النفي من قبل أجهزة الأمن، بينما يؤكد المعتقلون وأهالي المتعقلين كل ذلك. المطلوب: لجان حقوقية محايدة، تكشف الحقائق وتقول كلماتها، حتى الآن لم يسمح للجان من هذا النوع أن تمارس دورها. وإذا تأكدت المعلومات التي يتحدث عنها المعتقلون وأهالي المعتقلين فهذا يشكل إدانة خطيرة ضد أجهزة الأمن مما يضع هذا البلد في خانة الدول المنتهكة لحقوق الإنسان. نؤكد مرة أخرى أننا مع أمن البد واستقراره، إلا أن هذه الأساليب تبعث على القلق والخشية، فمن أجل حماية الأمن والاستقرار، لابد من معالجة الأوضاع وتحريك الملفات العالقة، التي باتت مصدر تأزم دائم، ومصدر توتر مستمر، ومصدر قلق كبير، فمادامت هذه الملفات السياسية والأمنية والمعيشية جامدة فالأوضاع تتحرك في اتجاه التأزم والاحتقان ، لن يعالج الأمور وعود وكلمات وتصريحات لا تجد طريقها إلى التفعيل والتطبيق، لا تشبع شعبا جائعا كلمات ، ولا ينشر الأمن والاستقرار في ربوع البلاد خطابات. ما يجري في داخل البرلمان لا يبعث على التفاؤل فكلما أراد عدد من النواب المخلصين لقضايا هذا الشعب أن يحركوا ملفا من الملفات العالقة تصدى نواب السلطة وهم يشكلون أكثرية لإجهاض محاولات التحريك، بالأمس القريب طالب نواب الوفاق أن يحركوا قضية( التميز الطائفي) وهي من القضايا التي يعاني منها أبناء هذا الوطن الويلات والويلات، غير أن الآخرين تصدوا بكل إصرار وصادروا هذا التحرك بذرائع موهومة وساقطة. وها هي محاولات الوفاق لا يستجواب بعض المواقع في جهاز السلطة والمتورطين في الكثير من الفساد والمخالفات والتجاوزات، وهي الأخرى محاولات تحاصرها أصوات المدافعين عن مواقف السلطة. فهل ستبقى العملية السياسية، والتجربة البرلمانية مرهونة لهذا النمط من الاختطاف، وهذا النمط من المصادرة، وهذا النمط من التشويه، إذا لم يعاد إنتاج الموقف البرلماني بطريقة صحيحة وبعيدا عن التزوير والعبث بمقدار هذا الشعب، فالنتيجة واضحة كل الوضوح ( الكفر بالعملية السياسية) وكم لهذا النتيجة من مردودات خطيرة جدا على أوضاع هذا البلد وأمن واستقراره. فقبل أن تصل الأمور إلى هذا المنعطف الصعب وقبل أن تنفلت الأوضاع، مطلوب وقفة جريئة وصادقة من قبل المسؤولين، لانقاد المشروع السياسي، ولحماية التجربة البرلمانية، وهذا ليس بالشيء المستحيل، متى ما أخلصت النوايا، وصدقت العزائم، وتكرست الثقة، وتحرك الحوار الجاد، وضرب على يد العابثين والمفسدين والمتلاعبين بمقدرات وحقوق هذا الشعب في أي موقع من مواقع السلطة.
وأخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
http://www.alghuraifi.org/ |