قالوا

 يعيش الجميع اليوم عصر الثورة المعلوماتية التي تنتشر فيها الأفكار و المعلومات بسرعة و سهولة من و إلى أي بقعة من بقاع العالم، و لكن ما فائدة هذا الكم الهائل من المعلومات في ظل هيمنة رأي واحد و فلسفة واحدة على نوعية هذه المعلومات، و أعني بذلك الولايات المتحدة الأمريكية التي تعكس بمثل هذه الأفعال حقيقة العالم الذي تمثله و تريد في نفس الوقت.

الأستاذ علي السكري
من الذي صام؟ الدرازيون أم النعيميون؟   |    في ذمة الله الشَّابة زهراء عبدالله ميرزا صالح   |   ذمة الله تعالى الحاجة جميلة حسن عبدالله    |   على السرير الأبيض الحاج خليل إبراهيم البزاز أبو منير    |   برنامج مأتم الجنوبي في ذكرى ولادة السيدة الزهراء    |   في ذمة الله حرم الحاج عبدالله سلمان العفو (أم ياسر)   |    في ذمة الله الطفلة زهراء جابر جاسم عباس   |   نبارك للأخ الطالب محمد حسن علي ثابت حصوله على الماجستير في إدارة الأعمال    |   رُزِقَ الأخ عبدالله علي آل رحمة || كوثر || 12/12/2021   |   دورة تغسيل الموتى    |   
 
 الصفحة الرئيسية
 نبذة تاريخية
 أنشطة وفعاليات
 مقالات
 تعازي
 شخصيات
 أخبار الأهالي
 إعلانات
 النعيم الرياضي
 تغطيات صحفية
 ملف خاص
 خدمات الشبكة
 المكتبة الصوتية
 معرض الصور
 البث المباشر
 التقويم الشهري
 أرسل خبراً
 اتصل بنا
 
تغطيات صحفية
 
مؤلفات الأقدمين في منهج الحوزة الدينية.. قراءة وتحليل «3»
كريم المحروس...جريدة الوقت - 2006/10/08 - [الزيارات : 3692]

مؤلفات الأقدمين في منهج الحوزة الدينية.. قراءة وتحليل «3»


على مدى حلقات بحثية متسلسلة، وفي شهر رمضان المبارك، يكتب الباحث البحريني كريم المحروس تحليلاته العلمية لمؤلفات الأقدمين في منهج الحوزة العلمية، والتي يرى أنها باتت في حاجة ملحة وضرورية للمراجعة وإعادة النظر، وفي هذه الحلقات يقف المحروس عند جوانب مختلفة من تكوينات ومكوّنات هذه المؤلفات، ويُحلّل أهم أبعاد القصور أو النص التي تعتريها سواء في المدرسة الشيعية أو في مدرسة الخلافة، بحسب تعبيره. وفيما يلي الحلقة الثالثة من هذه السلسلة.
إن غياب المنهج الحديث والمتطور والمتجدد أدى إلى نشوء خلل في أولويات علم الأصول فتداخلت المباحث وتناثرت في صفحاته مع مباحث علوم أخرى كقواعد اللغة العربية والفلسفة المثيرة للجدل، إضافة إلى أن أقسامه ومباحثه أصبحت مندكة في مباحث مواد أخرى، ما تسبب في زيادة في التفريعات والتقسيمات المتكررة. وقد يتطلب مستقبل هذه المادة الأصولية الفقهية تأخير دراستها في المنهج حتى يجتاز الطالب مراحل متقدمة من الدراسة في مواد أخرى ممهدة كالفلسفة والمنطق والتفسير واللغة حتى يتأهل للولوج في ألفاظ مادة الأصول، ما يعقد الأمور ويزيدها استغراقا في الزمن، وحمل الطالب ما لا طاقة له على تحمله. وكما عانت المؤسسة التعليمية الدينية عند اتجاه التشيع من تداخل العلوم في مادة أصول الفقه، كذلك عانت المؤسسة التعليمية الدينية عند اتجاه الخلافة من تداخل علم الفلسفة في علم أصول الفقه منذ نشأته في القرن الثاني الهجري حيث كانت هذه النشأة متقدمة على نشأته عند المؤسسة التعليمية لدى اتجاه التشيع.
لقد بدأت المؤسسة التعليمية عند اتجاه الخلافة برعاية اللغة العربية وحمايتها من اللحن الذي بدأ يغزوها بعد توسع حرب الفتوحات الإسلامية ودخول العديد من الأقوام إلى الإسلام، ثم توسع هذا الاهتمام ليشمل ضبط الألفاظ اللغوية في الفقه للاقتدار به على شرح أدلة وشروط الاستدلال في الفقه، فنشأ عن ذلك علم الأصول الفقهية.
فتلامذة أبي حنيفة أول من اتبع هذا الأسلوب في علم الأصول، وكان من بينهم أبو يوسف، ثم تبعهم على ذات المنهج الشافعي المتوفى في العام 204هـ. وبعد توسّع هذا العلم في مباحثه مُيّز بكونه علما متضخما وخليطا من علوم مختلفة كان من أهمها علم الفلسفة لأن مباحث علم الأصول حُققت على أساس عقلي، وضُمّ إليه من علوم أخرى كل ما أيده وأثبته البرهان فاعتبر أصلا شرعيا. وجرى على هذا المنهج كل من مذهب المالكية ومذهب الشافعية. ولهم كتبهم المميزة في هذا الشأن ككتاب ‘’المستصفى’’ للغزالي المتوفى في 505هـ، وكتاب ‘’الأحكام’’ لأبي الحسن الآمدي المتوفى في 631 هـ، وكتاب ‘’منهاج الوصول في علم الأصول’’ لناصر الدين الشيرازي البيضاوي المتوفى في 685 هـ.
وإلى جانب هذا المنهج، جمع أتباع أبي حنيفة - في شكل صريح - بين الفلسفة والأحكام المستخلصة عن منهج أبي حنيفة في إثبات قواعد علم الأصول الفقهية. وكانت أشهر مؤلفات أتباع أبي حنيفة في علم الأصول: ‘’أصول الفقه وتحديد أدلة الشرع’’ لأبي زيد الدبوسي المتوفى في 430 هـ، و’’أصول’’ فخر الدين البزدوي المتوفى في 430 هـ، وكتاب ‘’المنار’’ لحافظ الدين النسفي المتوفى في 790 هـ.
وكان أشهر عناصر إدخال علم الفلسفة في علم الأصول الفقهية لكونه من المتخصصين والمعتنين والموغلين في العلوم العقلية، وكان ممن شنع عليه هذا التخصص فتعرض لأبشع ألوان التنكيل ‘’فالآمدي درس الفلسفة بأقسامها المختلفة وتوغل فيها وتشبعت بها روحه حتى ظهر أثر ذلك في تأليفه. ومن قرأ كتبه وخاصة ما ألفه في علم الكلام وأصول الفقه يتبين له ما ذكر، كما يتبين له منها أنه كان قوي العارضة كثير الجدل واسع الخيال كثير التشقيقات في تفصيل المسائل والترديد والسير والتقسيم في الأدلَّة إلى درجة قد تنتهي بالقارئ أحيانا إلى الحيرة. فمن كرِه من الولاة والعلماء منطق اليونان والخوض في سائر علوم المنطق وخصوصاً ما يتعلَّق منها بالإلهيات وكرِه كثرة الجدل والاسترسال في الخيال والإكثار من تأويل النصوص وذكر الاحتمالات خشية ما تفضي إليه من الحيرة والمتاهات مع قلة الجدوى منها تارة وعدم الفائدة أحيانا - كالأشرف والذهبي - كرِه الآمدي دينا وأنكر عليه ما رآه منكرا، وقد يجد في كتبه ومسلكه في تأليفها ما يؤيد رأيه فيه ويدعو إلى النيْل منه’’.1
واتبع المنهج ذاته في أصول الفقه محمد الفخر الرازي (544-606 هـ) الذي له من المؤلفات في أصول الفقه ما يربو عن 21 كتابا بينها كتاب (المعالم في أصول الفقه)، حيث استمد منهجه في الأصول من خلال مجموعة من المصادر كان من بينها: (المُستصفى) لأبي حامد الغزالي و(العهد) للقاضي عبد الجبار و(المتعمّد) لأبي الحسين البصري و(البرهان) للجويني. ولكن الرازي نقض منهج الجمع بين أصول الفقه والفلسفة وغيرها من العلوم الدينية، ويؤيد ذلك ما عُرف عن الرازي من انقلاب على الفلسفة في أواخر أيام حياته حيث قال في وصيته: ‘’فاعلموا أني كنت رجلا محبا للعلم، فكنت أكتب في كل شيء شيئا لا أقف على كميته وكيفيته، سواء كان حقا أو باطلا، أو غثا أو سمينا، إلا أن الذي نظرته في الكتب المعتبرة لي: أن هذا العالم المحسوس تحت تدبير مدبر منزه عن مماثلة المتحيزات والأعراض، وموصوف بكمال القدرة والعلم والرحمة. ولقد اختبرت الطرق الكلامية والمناهج الفلسفية فما رأيت فيها فائدة تساوي الفائدة التي وجدتها في القرآن العظيم، لأنه يسعى في تسليم العظمة والجلال بالكلية إلى الله تعالى، ويمنع التعمّق في إيراد المعارضات والمتناقضات، وما ذلك إلاَّ العلم بأن العقول البشرية تتلاشى وتضمحل في تلك المضايق العميقة والمناهج الخفية’’.2
وقد وجد اتجاه الخلافة أن استعمال الفلسفة في أصول الفقه قد أضرّ كثيرا بالفقه، وحملت الفلسفة ذاتها كمادة داخلة في منهج الدراسات الدينية العقلَ ما لا يقدر عليه، خصوصا في عملية استنباط الأحكام الشرعية، فساهم ذلك في إشاعة ظاهرة الجدل بين الأصوليين للرد على بعضهم بلا جدوى فقهية، وعمّق الخلاف بين المذاهب الأربعة إلى حد القطيعة بين متبنياتها العلمية.
(2) دلالات التراكم الفقهي
لقد اتسمت المؤلفات الفقهية بالتضخم والاتساع، ما زاد في حركة التأليف، ووقف التراث العلمي الكبير المتوافر تحت تصرّف الباحثين محرضا ومشجعا على الكتابة في مجال هذا التخصص، وساعد على ذلك: أن أهم أهداف المؤسسة التعليمية الدينية هو الوصول بالطالب إلى مستوى الاجتهاد، ومنه استنباط الأحكام الفقهية الفرعية من أدلتها التفصيلية.
وتأتي المتغيرات المتعلقة بالحاجات اليومية وبحركة الناس لتؤثر في نمو الأحكام وتراكمها. فكلما تجدّدت مشكلات الناس وزادت حركتها في المجالات الإنسانية؛ كان الفقه حاضرا ومتوثبا لإيجاد الحلول المناسبة المتسقة مع النصوص الشرعية. ولذلك تطوّر الفقه في ناحية سهولة الحصول على المسألة الشرعية واستيعاب الناس لها، وفي ناحية عمق هذا العلم ودراسته. فليس لهذا العلم خاتمة أو نهاية يمكن التوقف عندها، لأن هذا العلم غير خاضع في مادته للثوابت، فهنالك الكثير من الأمور التي تتغير من حال إلى آخر سواء في مجال الألفاظ والمصطلحات أو الأحكام وفقا لتنوع وتجدد الحوادث والمواقف والعصور.
إن هذه الخصوصية في مادة الفقه تؤسس لبعدين أساسيين في مسيرة هذا العلم، الأول: إن المؤلفين فيها يمكنهم إثراء هذا العلم بالبحوث الدائمة مثلما أثرت المؤلفات القديمة هذا الاختصاص. وأما البعد الآخر: فإن قابلية تطوير هذا العلم وتجديده من حيث المتن والأسلوب ممكنة الانسياق وراء التحول والتطور في اللغة وثقافة الحضارة والتمدن التي غزت عقول الناس، فتمكن المختصون في مجال تطوير مناهج الدراسات الدينية من إعداد المؤلفات التي تهيئ للمكلف فرصا أكبر لاستيعابها بدون واسطة شارحة للعبارة ومفصلة أو مفككة لألفاظها. فهذه عملية ليست معقدة التحقيق فكيف بمهمة إعداد مؤلفات لمنهج دراسات دينية يختص في إعدادها مراجع ومجتهدون في مجلس شورى فقهي تعليمي.
إن هذا التراكم الفقهي الذي دام طوال تاريخ التشريع دليل على ثراء كبير في المادة الفقهية وما تمخض عنها من علوم، كما أنه دليل على جدية وحرص دارسيه على الالتزام بقدسية هذا العلم وجلال قدره فأحسنوا حفظه وأصروا على حضوره المتقدم بين حلقات العلم وحواضر التعليم وزودوه بما خفي أو أندرس من أبعاده من خلال التنقيب العلمي الدؤوب. ولو رافق هذا العلم أخذٌ بالتحول الحضاري في مطلعه في مجالات الحياة المختلفة لشهد تحولا وتضخما نوعيا في منهجه وموضوعاته وأساليب عرضه وتقاسيمه وحتى مناهج تعلمه وتعليمه.
وربما كان العلامة الأميني صاحب المؤلف الشهير ‘’الغدير’’ خير مثال، فهو أهم نموذج كبير مبدع في عصرنا الحديث في مجال التحقيق والبحث. فقد خرج الشيخ الأميني على التقليد الذي جبل عليه محققو دراسات المؤسسة التعليمية الدينية من تقيد بمصادر علمية سهلة المنال، إذ أخذ على نفسه عهدا بالتجوال في رحلات تنقيب واستكشاف في بلاد مختلفة قبل أربعين عاما تقريبا ليقدم للمؤسسة التعليمية ما أثرى وأغنى موادها وأضاف إلى دوائر بحوثها نصوصا تزيد من حيويتها ونشاطها، حتى أنس به المقام في خزائن (المكتبة الظاهرية) في دمشق بعد جهود ووسائط كبيرة بذلها بإخلاص لتذليل الموانع والعقبات أمام قراره وإصراره على دخول تلك الخزائن، فاستفاد منها أيما استفادة بعد أن قلب صفحات مخطوطاتها فاكتشف أن هنالك أكثر من 1200 أصل فقهي لمذاهب شتى ضمت الكثير من النصوص المؤيدة الموثقة لمنهج اتجاه التشيع في المجالات العلمية المختلفة في مقابل 400 أصل فقهي شيعي مازالت مفقودة وكانت صدرت قبل تأليف الكتب الأربعة المشهورة. فاعتزل الشيخ الأميني محيطه الاجتماعي واعتكف في تلك المخازن حتى انتهى من قراءة كل الأصول الفقهية والتاريخية وأخذ عنها. وكان الشيخ الأميني أول من استخرج مجلدات ابن عساكر من بين ركام مخازن هذه المكتبة وقدم صورا منها لدوائر البحث والتحقيق في اتجاه التشيع.

* باحث بحريني مقيم في لندن
1 - انظر (الإحكام في أصول الأحكام) . علي بن محمد الآمدي .
2 - انظر (المحصول في أصول الفقه) . فخر الدين الرازي . تحقيق د . طه جابر العلواني .

 

طباعة : نشر:
 
يرجى كتابة التعليق هنا
الاسم
المدينة
التعليق
من
رمز التأكيد Security Image
 
جميع الحقوق محفوظة لشبكة النعيم الثقافية © 2003 - 2024م