رحلة الجمعيات السياسية إلى سوريا ولبنان للتضامن مع المقاومة الوطنية الإسلامية الخميس 10/8/2006 – الخميس 17/8/2006
بمبادرة من جمعية العمل الوطني الديمقراطي بتوجيه وفد من الجمعيات السياسية بالقيام لزيارة تضامنية مع المقاومة في لبنان. استجابت الجمعيات التالية: 1.جمعية العمل الوطني الديمقراطي 2.جمعية الوفاق الإسلامية 3.جمعية الوسط العربي الإسلامي 4.جمعية العمل الإسلامي 5.جمعية المنبر التقدمي الديمقراطي 6.الجمعية البحرينية لمقاومة التطبيع مع العد الصهيوني 7.التجمع القومي الديمقراطي
أسماء أعضاء الوفد: 1.عبدالرحمن النعيمي 2.إبراهيم كمال الدين 3.رضوان الموسوي 4.السيد سعيد السيد ماجد 5.السيد أحمد العلوي 6.راشد الجودر 7.عباس البحاري 8.علي غنام 9.محمد حسن العرادي 10.السيدة زهرة مرادي (الأمانة الدستورية) 11. محمود حميدان
ورغم صعوبة الحصول على مقاعد على الطيران السوري وحجوزات في فنادق دمشق – إلا أن كل العقبات دللت وتوجه الوفد إلى دمشق وتم من هناك التواصل مع الأحزاب السورية والمقاومة الفلسطينية وأجرينا عدة اتصالات بالأحزاب اللبنانية – وكان جواب الأغلبية بمحاذير السفر إلى لبنان لتعرض الطرق والمنافذ بين لبنان وسوريا للقصف والتدمير. وأثناء وجودنا في دمشق اتيحت لنا الفرصة بالاجتماع بالمقاومة الفلسطينية التالية: الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين – حماس – حركة الجهاد الإسلامي – فتح الانتفاضة – جبهة النضال الشعبي – الجبهة الشعبية القيادة العامة – جبهة التحرير الفلسطينية – الحزب الشيوعي الفلسطيني – الثوري. وكذلك تم الاجتماع بحركة أمل ممثلة في زوجة دولة الرئيس نبيه بري السيدة رندة بري التي ترأس مجموعة من لجان الإغاثة والبر والإحسان، كما تم لقاء وفد من حزب الله في منطقة السيدة زينب برئاسة الشيخ أكرم بركات. ونقلنا له تحيات وتعاطف شعب البحرين مع المقاومة الوطنية الإسلامية وتمنياتنا لهم بالنصر. ورغم كل التحذيرات من المجازفة بالسفر من قبل أكثر الأحزاب التي التقيناها وكذلك اتصال هاتفي من سفير البحرين في دمشق ينبه فيه إلى خطورة الطريق. إلا أننا ومن خلال شاشات التلفزيون سمعنا وشاهدنا وفداً من المنتدى الاجتماعي الدولي مكون من ممثل عن نقابات العمال والفلاحين في البرازيل، وعضو برلماني من الفلبين، وعضو الحزب الشيوعي الهندي في البنغال، وعضو الحزب الماركسي الهندي، وعضوات من المنتدى الاجتماعي يعبرون الحدود إلى بيروت عن طريق حمص – طرابلس. وأجرينا الاتصالات ببيروت (الحزب الشيوعي اللبناني) الذي أكد سلامة الوصول عن طريق طرابلس الذي يستغرق 7 ساعات وبالفعل اتفقنا مع المنتدى بإرسال سيارة لنقل وفد البحرين الذي غادر دمشق في تمام الساعة 11 صباحاً من يوم الأحد 13/8، استغرقت الرحلة 7 ساعات – وكانت الطريق غير مزدحمة بين دمشق وحمص وطرابلس. يقع سهل عكار بين الحدود السورية اللبنانية وتقطنه عوائل مشتركة على ضفتيه ويتبادلون الزيارات دون مشقة أو جوازات، سهل جميل بغاباته وأشجاره المثمرة وأنهره المنسابة. وبعد عبور الحدود وجدنا (جسر المسعودية) وقد دمر بالكامل وأخذنا طريقاً التفافياً عبر نهر العروس – لجمال هذا الطريق وهذا الوادي نسينا إرهاق ومشقة الطريق. هذا الجسر شهد مجزرة مروعة بعد قصفه من قبل طيران العدو حيث خرج الأهالي لتفقد الدمار الذي لحق بجسرهم ليفاجئهم طيران العدو بغارة مباغتة ليقتل 36 مواطناً مدنياً في مجزرة يندى لها جبين العالم وتسجل في سجل المجازر التي ارتكبتها دولة الصهاينة بحق الشعب الفلسطيني واللبناني والأردني والمصري والسوري. مررنا بقلعة التلميعات التي دمر جسرها ووقعت لأهاليها المجزرة لنشاهد مآتم العزاء لا زالت مشادة وخصوصاً لعائلة الجمال التي فقدت 10 شهداء من أفرادها. وعلى بعد من هذه القرية شاهدنا "جسر تل الحياة" الذي دمر بقنابل انشطارية ساوت به الأرض وحرقت الحقول. وفي الطريق مررنا بقلعة قليعات – كفر ملكي – المقيطعة - العريضة – الكوراتية – حاره الحديدة – مقص حمص إلى البحر كلها ضيعات وحارات لم تسلم من قصف طائرات العدو. بانت لنا في الأفق طرابلس الشامخة وعندما اقتربنا منها شاهدنا جسرها المدمر ومحطة الوقود وقد احترقت ومركز الاتصالات على جبل طرابلس وقد أصيب بنيران العدو. على الضفاف يقع مخيم اللاجئين الفلسطينيين من العام 1947 مخيم نهر البارد الذي سقط منه 8 شهداء نتيجة لغارات العدو – وكذلك مخيم البداوي الذي يقع على مشارف طرابلس شاهدنا أسواق العبدي وهي خاوية على عروشها ... وهذه السوق تعتبر سوقاً حرة للأتراك والسوريين ولكن نتيجة الحرب هجرها الباعة والمتسوقون. ولم توفر طائرات العدو مخيم النور للاجئين الفلسطينيين إلا وقصفته وكذلك مرفأ الصيادين تعرض كذلك للتدمير.
المنطقة كلها تزود بالوقود والكهرباء من حمص بعد أن دمرت محطات الكهرباء والوقود. دوريات الجيش اللبناني تجوب منطقة دير عمار خشية من إنزال قوات للعدو، مصفاة طرابلس معطلة – مرفأ طرابلس وقد تعرض للقصف ، 4 جسور على الطريق الدولي مدمرة مما اضطر السائق للعبور عبر المرفأ – شركة فالكون لتخزين النفط (شركة إماراتية ) معطلة وكذلك محطة سكة الحديد القديمة وهي من زمن الأتراك معطلة. ونحن في طريقنا إلى بيروت أذاعت وكالات الأنباء مواصلة طيران العدو قصف الضاحية الجنوبية في بيروت. وذلك في تمام الساعة الثانية والنصف ظهراً وكان الوفد البرلماني الدولي في زيارة للضاحية – وبعد مغادرته بعشر دقائق تعرضت للتدمير.
الشاليهات على البحر الأبيض مهجورة وبين القلمون وبرغون الجسور مدمرة – ولكن مدينة طرابلس لم تتعرض للقصف. شاهدنا معمل الاسمنت المملوك للسيد سليمان فرنجية وقد ساوت به القنابل الأرض. وأهم الجسور التي تربط طرابلس ببيروت "جسر المدفون" شاهدناه محطماً وسيارات مدنية مهشمة وملقية في النهر نتيجة الغارات. فعليه مررنا عبر نفق قديم " تونيل شكا " يربط بين بيروت وطرابلس وسوريا. نشاهد منظراً رائعاً لقلعة "المسالحة" وهي مبنية على قمة جبل ومبنيه من الصخر الجرانيتي.
محطات النفط معطلة وخالية من الوقود. قرية عمشيت وقد قصفت إذاعة حزب الله بها.
شاهدنا في طريقنا لبيروت وعندما اقتربنا من " جبال حالات " جسرها الذي استهدفته الطائرات الحربية عدة مرات وساوت به الأرض نظراً لأهميته بارتباطه ببيروت وبالخط الدولي. وقال الأهالي بأن تعميره يحتاج لثلاث سنوات. لفت نظرنا تكرار لافتات كبيرة معروضة على جانبي الطريق وبكثافة تقول: 68 – 78 – 86 – 93 – 96 ياللي عمر مرة بيعمر كل مرة. تأكيداً على إصرار اللبنانيين على تعمير ما خربه العدو الصهيوني في حروبه للأعوام المتتالية. اقتربنا من جونيه البلدة المسيحية الجميلة وقد دمر "جسر أدما " وهو يقع قرب محطة LBC. أما المدينة نفسها جونيه – وبكركي فلا علاقة لها بالحرب حيث تعيش حياتها اليومية المعتادة. إلا أن الأشرفية في بيروت التي تعرضت لقصف طائرات العدو وهي مركز لتيار العماد ميشيل عون وبها أغلبية مسيحية فقد احتضنت هذه الضاحية مجاميع كبيرة من نازحي الضاحية الجنوبية ومثلت وحدة لبنان التي أراد العدو استهدافها.
وصلنا إلى بيروت في تمام الساعة السادسة وسكنا في فندق " ريحنت " الواقع في منطقة التينة حيث يوجد منزل رئيس مجلس النواب السيد نبيه بري ومكاتب حركة أمل. وكانت هذه الليلة مساء الأحد ليلة الاثنين 11/8 ليلة عاصفة بحق لبيروت والضاحية الجنوبية بالذات. وحيث تدور مناقشات حامية في مجلس الأمن حول الصيغة الأخيرة للقرار 1701 وترقباً لصيغة القرار.
أنزل العدو جام غضبه على ما تبقى من جسور ومحطات الكهرباء والمصانع فقد دمر مصنع غندور وحولت أحياء في الضاحية الجنوبية إلى ركام. فكنا نسمع أصوات الانفجارات الهائلة طوال الليل وحتى موعد وقف إطلاق النار الساعة الثامنة صباحاً (يوم الاثنين) لم يوفر العدو دقيقة واحدة إلا واستهدف بها الجنوب والضاحية تعبيراً عن حقده وهمجيته ودليل ساطع على فشله في تحقيق انتصار على المقاومة التي ردته على أعقابه مندحراً يجر خزي وذل الهزيمة فأخذ يتأثر بطيرانه من المدنيين العزل. هذا هو العدو الصهيوني وهذه حقيقته. ونحن لم نوفر الوقت حيث كان شوقنا عارم لزيارة الضاحية والإطلاع على مدى الدمار الذي لحق بها. ففي صباح يوم الاثنين 14/8 توجهنا للضاحية، ويا لهول ما شاهدنا النيران ما زالت تشتعل في بعض الأبنية – الدخان كثيف، العمارات وقد تحولت إلى ركام، رائحة الدخان والجثث وغبار حطام الأبنية. نعبر من شارع إلى شارع فوق الركام في حارة حريك عمارات مهدومة وبعضها محترق وبعض العمارات نصفها مهدم والبعض محطم النوافذ والأبواب.
نشاهد بيت السيد حسن نصر الله وقد استهدفته الطائرات بعدة غارات حتى ساوت به الأرض (إنها فعل القنابل الذكية)، نشاهد قناة المنار وأعمدة الإرسال بارزة للعيان وسط ركام أكثر من 8 عمارات – أمامنا مدرسة المستقبل وقد سويت بالأرض – مؤسسة الشهيد مكونة من 10 طوابق لم تنجو من القصف. نستمر في تسلق الركام وتخنقنا رائحة الدخان الصادر من حرائق متعددة لا تزال تشتعل نتيجة للقصف الليلي. نتجه لشارع الشهيد راغب حرب وقد هدم على جانبيه 18 عمارة استهدفت مساءً والنيران لا زالت تلتهمها.. والدفاع المدني يجاهد في إطفاء الحرائق. ورغم تهديم مقر تلفزيون المنار – إلا أن الكاميرات كانت منصوبة في استقبالنا... حيث استقبلنا استقبالاً لا مثيل له.. بالود والقبل، عندما عرفوا بأننا قادمون من البحرين نحمل مشاعر الود والحب والتعاطف مع الشعب اللبناني ومقاومته الباسلة والى سيد المقاومة السيد حسن نصر الله. يفتخرون بما قامت به البحرين من مساندة ودعم أخوي ويقولون بأن له اثر كبير على معنويات الناس وخصوصاً المقاتلين على الجبهة. أجرت قناة المنار مقابلة مع الوفد وبثت بشكل مباشر.
بعد مغادرتنا للضاحية – منعت وحدات الدفاع المدني والجيش دخول الضاحية.. لأن العدو في قصفه الليلي رمى قنابل لم تنفجر وقنابل موقوتة، واختلطت بالركام، أي أننا كنا نمشي على حقل من المتفجرات ولم نكن نعلم (والله كان الحافظ). قام الجيش اللبناني بجرافاته بإزالة الأنقاض وتفجير عدد كبير من هذه الأجسام الملغومة. وعند مغادرتنا للضاحية شاهدنا مخيم اللاجئين الفلسطينيين مخيم برج البراجنة – تزين مدخله وطرقاته صور الشهداء والأسرى. وشاهدنا أرتال من السيارات وبها العائدون لبيوتهم وقراهم بعد صدور قرار وقف إطلاق النار. رغم كل التحذيرات لهم بأن الطرق مقطوعة والقرى مهدمة وبيوتهم قد سويت بالأرض والقنابل منتشرة. إلا أن فرحتهم بالنصر وتمسكهم بالأرض وحبهم لوطنهم جعلهم يتركون كل ذلك خلف ظهرهم ويتوجهون لقراهم وضيعاتهم التي أراد العدو أن يخليها من سكانها لتكون حدود بدون سكان مقاومين للاحتلال، ليسهل عليه تحقيق حلمه في شرق أوسط كبير يكون فيه العدو الإسرائيلي هو المهيمن اقتصادياً وعسكرياً وأمنياً. تركنا الضاحية وتوجهنا إلى البرلماني اللبناني حيث كان في استقبالنا أعضاء الكتلة المساندة للمقاومة وعلى رأسهم الحاج حسن حب الله نائب في البرلمان لحزب الله ووزير الأشغال، وفي المساء ذهب الوفد لمقابلة رئيس وزراء لبنان الأسبق الرئيس سليم الجص. كما التقينا بالنائب نجاح واكيم عن الحزب الناصري.
وكذلك التقينا صباح يوم الثلاثاء بالأمين العام السابق للمؤتمر القومي العربي الأستاذ معن بشور. مساء الاثنين ليلة الثلاثاء وبعد صدور القرار 1701 من مجلس الأمن بوقف إطلاق النار سارت في شوارع بيروت مسيرات بالسيارات والدراجات النارية حاملة أعلام لبنان وحزب الله مبتهجة بالنصر. من بين المواقع والمدن التي قررنا زيارتها هي مدينة صيدا لعدة أسباب: أولاً: تعتبر صيدا عاصمة الشمال اللبناني. ثانياً: هذه المدينة مدينة يقطنها السنة. ثالثاً: انتشار التيار الناصري بقيادة عائلة سعد معروف هذه العائلة التي ضحت وقدمت الكثير للبنان ولشعب لبنان ومن أجل الوحدة الوطنية. فمصطفى معروف استهدفته المخابرات الإسرائيلية بتفجير طرد وفقد عينه ويمناه. وكذلك المناضل معروف سعد الذي كان نائباً في البرلمان وتقدم المسيرات والمظاهرات المطالبة بإنصاف السماكين وأطلق الجيش الرصاص على المتظاهرين واستشهد معروف سعد الذي لا زالت طرابلس ترفع صوره في شوارعها ومنازلها. رابعاً: ضربت هذه المدينة نموذجاً في الوحدة الوطنية وتفويت الفرصة على العدو الصهيوني في خلق فتنة طائفية بين المسيحيين والمسلمين وبين السنة والشيعة. وما شاهدناه في مقر الحزب الناصري بقيادة النائب د. أسامة سعد ابن المناضل الشهيد معروف سعد – حيث تتواجد كوادر حزب الله في مقرات الحزب الناصري وفتحت بيوت المدينة لاستقبال المهجرين من الجنوب اللبناني وغالبيتهم من الشيعة.
وفي ذهابنا لهذه المدينة شاهدنا مرفأها وقد تعرض للقنابل الإسرائيلية – وفي "منطقة الدامور" حيث دمر جسرها الذي يربطها ببيروت.. شاهدنا معمل الأخشاب وهو محترق ونتيجة لقصف الجسر وارتال السيارات المحملة بالعائدين للقرى التي هجروها.. قرر السائق أخذ طريق جبال الشوف الذي تقطنه غالبية درزية، مررنا القرى الدرزية دير القمر، المحاره، وقرية كفر جيم وقرية دوريت، شاهدنا نصباً للمكان الذي اغتيل فيه كمال جنبلاط بقرية بعقلين في جبال الشوف وعرج بنا على طريق صيدا – جزين مروراً بإقليم الحزوب وهذا الإقليم يقطنه المسلمين السنة، مررنا بقرية درايا وقرية شحيم منطق النائب السابق زهير الخطيب، قرى مزبود ودلون ومفيريه والوردانية مروراً بقرية رميل التي يقطنها المسيحيين. دمرت 7 جسور في صيدا من بينها جسر الأولى جسر طريق علمان. وهذه المنطقة جبال الشوف لم تتعرض لقصف طائرات العدو. ونحن نمر في هذه الممرات الضيقة تحيطنا جبال الشوف الجميلة بغاباتها وعندما وصلنا للوادي شاهدنا غابات الموز المنتشرة في سهل صيدا وساحلها وبين ملتقى النهرين. عند وصولنا إلى مداخل مدينة صيدا التي تزينها صورة سمير القنطار أقدم سجين لبناني في معتقلات العدو وكذلك صورة قادة المقاومة وشهدائها وصور مصطفى وسعد معروف. استغرق الطريق 5 ساعات ونصف والذي في المعتاد يستغرق ساعة إلا ربعاً إلى ساعة. وصلنا لمقر الحزب الناصري.. وكان في استقبالنا النائب د. أسامة سعد عن الحزب الناصري وكوادر الحزب والشيخ حسن عن حزب الله ومجموعة من كوادر الحزب.
وأخبرونا عن التعاون اللوجستي لإسناد المقاومة وكذلك التعاون الأمني الذي أفضى باعتقال جواسيس زرعتهم الموساد في المدينة والذين اغتالوا شابين من الجهاد الإسلامي بينهم محمد المجدوب، وكان المقاتلين المقاومين يوزعون على العائدين بيان من حزب الله – يهنئ الجماهير بالنصر ويطالبهم بالحذر من الأجسام الغريبة التي رمتها طائرات العدو وعدم العبث بالألغام أو القنابل التي لم تنفجر. شاهدنا في عودتنا لبيروت محطة الكهرباء محطمة، وجسر الدامور وكذلك معسكرات الجبهة الشعبية القيادة العامة وقد تعرضت للقصف الإسرائيلي في منطقة الناعمة. أخذنا الطريق الساحلي في عودتنا حيث الجسور مدمرة وحركات التفاف طويلة يتبعها السائق الذي اختصر علينا الطريق بعبوره وسط القرى وأزقتها. مساء الثلاثاء 14/8 كان مزدحماً بالمواعيد، رغم الإرهاق الذي أصاب الوفد نتيجة لطول الطريق إلا إن الإصرار على تحقيق أكبر قدر من اللقاءات جعل الوفد ينقسم إلى قسمين قسم ذهب لزيارة الشيخ فيصل مولوي زعيم الجماعة الإسلامية. والقسم الثاني توجه للاجتماع بنواب حركة أمل. وفي الثامنة مساءً تم لقاء قيادات من الحزب الشيوعي اللبناني ولم نعد للفندق إلا بعد الثانية عشرة ليلاً. لنستيقظ صباحاً مسرعين للقاء فخامة رئيس الجمهورية أميل لحود وذلك صباح الأربعاء 15/8 وقد رحب الرئيس بالوفد طالباً منه نقل تحياته وفخره بشعب البحرين واعتزازه بما قدمته البحرين من معونات كان لها الأثر الكبير في تعزيز صمود المقاتلين والمتضررين.
بعد أن عدنا من قصر بعيدا " قصر رئاسة الجمهورية اللبنانية" كانت السيارة بانتظارنا للعودة إلى دمشق. حيث فتحت منافذ الحدود السورية اللبنانية – هذه الحدود التي كانت عرضة لغارات العدو المستمرة. أخذنا طريق المصنع – فبانت لنا "عاليه" التي كان يتخذها السواح البحرينيين مقراً صيفياً – وبحمدون التي كانت مقراً للسائحين الكويتيين وبها قصر لأمير الكويت الراحل. مروراً بصوفر.. وكان جسرها مدمراً أي "جسر عوكر" كما يسميه اللبنانيون.. وقد استهدف العدو كذلك الطريق المسفلت إمعانا منه في حصار لبنان ومنع الإمدادات الغذائية والدوائية شاهدنا محطة كهرباء شتورا محترقة. وصلنا إلى عنجر وهي نهاية الحدود اللبنانية السورية وكان يتمركز بها الجيش السوري.. شاهدنا السيارات المدنية وهي محطمة على جانبي الطريق وبدأت الحياة تدب تدريجياً لهذه النقاط بعد انقطاع دام أكثر من شهر. كانت عودتنا لدمشق مريحة رغم الالتفاف وبعد مسار الطريق الذي عرج عليه السائق. تناولنا غداء سريعاً.. لنحضر اجتماعاً مع قيادة الجبهة الوطنية التقدمية التي تضم أحزاب البعث – الشيوعي بأقسامه – والاتحاد الاشتراكي العربي وعدد من الأحزاب التقدمية والقومية وقدمنا لهم شكر وفد البحرين على التسهيلات التي تلقيناها من لذنهم وأبلغناهم تحيات شعب البحرين ووقوفه مع المقاومة الباسلة ، وتهانينا وتهاني شعبنا بالانتصار المؤزر الذي حققه المقاتلون على أرض لبنان والذي يعتبر انتصاراً لكل عربي ومسلم وشريف على هذه الأرض. حملونا اعتزاز سوريا بمواقف شعب البحرين القومية وافتخارهم بنصره ومسانده الأمة العربية والإسلامية لهم.
- استخلاصات الزيارة – 1.تأكد لنا من هذه الزيارة بأن العدو الصهيوني كان يعد لعدوان غادر على لبنان للقضاء على المقاومة وإفراغ الشريط الحدودي "الجنوب" بالذات من ساكنيه ليتم لهم التفاوض من منطلق القوة والمنتصر – ليفرض شروطه في تحقيق الشرق الأوسط الكبير. ويفرض املائاته على العرب وكان اختطاف الجنديين بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير حيث قام العدو بالإسراع في تنفيذ مخططه بشن هذا العدوان الشامل وتدمير البنية التحتية للبنان. 2.كانت الدولة العبرية تعول على تفتيت الجبهة الداخلية للبنانيين فاستفردت بالجنوب والضاحية.وهدمت 120 جسراً ودمرت الطرق ومحطات الوقود والكهرباء وهدمت 80% من مصانع لبنان. ولم تفلح كل تلك الغارات في إثارة الأطراف اللبنانية على بعضها بل اعتبر اللبنانيون بكل أطيافهم وأحزابهم أن المعركة هي معركة لبنان والأمة كلها والعدو يستهدف كل لبنان مما أثار حفيظة العدو وقام بقصف منطقة الأشرفية التي يقطنها غالبية مسيحية ظناً منه بأن القصف سيؤلب المسيحيين على المقاومة – إلا إن المسيحيين وبالذات تيار الرئيس السابق العماد ميشيل عون أدى دوراً محورياً في إفشال مخطط العدو ففتحت بيوت المسيحيين ومدارسهم وملاجئهم لاستقبال أبناء الضاحية الشيعة..كما مثلت صيدا تلاحماً شيعياً سنياً مسانداً للمقاومة وفوت الفرصة على العدو. 3.تأكد لنا بالملموس العملي أن امتنا العربية جسد واحد إن اشتكى منه جزء تداعى له باقي الجسد بالسهر والحمى. فعندما كنا في دمشق وأثناء زيارتنا للمدارس والملاجئ التي استقبلت اللاجئين اللبنانيين الذين دمرت قراهم. شاهدنا كيف أن سوريا حكومة وشعباً كانوا مستنفرين لإيواء وخدمة إخوانهم اللبنانيين. وشاهدنا المبادرات من العوائل السورية للتخفيف من آلام إخوانهم اللبنانيين. كما إن قوافل الإغاثة التي شحنت من الإمارات والسعودية والأردن والكويت والبحرين – تعبر الحدود رغم تعرض بعض الشاحنات لقصف العدو. وسمعنا عن احد المتبرعين السعوديين "الذي تحمل إطعام وطبابة ومصرف" عشرة آلاف أسرة لبنانية تسكن أحد المدارس والملاجئ. كما سمعنا عن أحد السعوديين وقد تبرع ل 2500 وحدة سكنية من البيوت الجاهزة للمساهمة في اعمار ما دمره العدو وتأكد لنا بالملموس الحي بأن المقاومة محمية من الجماهير العربية ومناصروها هم الشعوب. 4.عملت المقاومة منذ سنوات وبصمت على تدريب وتسليح نفسها تحسباً لهذه المواجهة. وعملت لكل شئ حسابه فبنيت الملاجئ والمخابئ تحت الأرض – ودربت العناصر على القتال – استفادة من النظرية الفيتنامية في حرب الغوار "حرب العصابات" فلذلك ومثالاً على ما أقول . فعندما دك العدو قرية بنت جبيل بالطيران ومشطها بالمدفعية تقدمت أرتال دبابته ومدرعاته لتقتحم هذه القرية وتفاجأ العدو بظهور المقاتلين الذين أحدثوا مجزرة في دباباته "فقد العدو 36 دبابة" وعدد كبير من القتلى والجرحى. وفي تعليق العدو على المعركة يقول: برز لنا "الإرهابيين" وكأنهم أشباح وانتشر الرعب في صفوف قواتنا مما جعلها تنسحب من المعركة (الكلام للعدو). 5.أثبتت هذه المعركة هشاشة هذه الدولة العنصرية وهذا الجيش الذي يدعي بأنه لا يقهر، وضعف استخباراته أمام إرادة المقاتلين الذين يدافعون عن قراهم وأعراضهم وشرفهم ووطنهم. فعندما تتاح الفرصة للمقاتل العربي لمواجهة العدو فانه يستميت لنيل الشهادة واسترجاع أرضه والدفاع عن وطنه كما حدث في حرب أكتوبر عندما أتيحت الفرصة للمقاتل المصري والسوري لمواجهة العدو حقق النصر واخترق خط بارليف وحرر جبال الشيخ وهضبة الجولان.
فقد سطرت المقاومة الإسلامية في لبنان ملحمة بطولية فلم يستطع العدو أن يصيب أياً من منصات الصواريخ التي كانت تتهاوى على حيفا ويافا وقرى الجليل والجولان ويدعي العدو بأنه دمر ربع قوات حزب الله. والمؤكد أن لحزب الله 15 ألف مقاتل على أهبة الاستعداد لدخول المعركة لم يستدعهم الحزب رغم تشوق هؤلاء المقاتلين للمشاركة في المعركة.. بل من كان يدافع عن القرى والبلدات لا يتجاوز عددهم العشرات والمئات.. وكل قرية يدافع عنها المقاتلين من أبناءها. وهم الأعرف بالأرض والطرق والمخابئ. كما أثبتت هذه المعركة إن الدولة الصهيونية قائمة على الإرهاب منذ إن ثبتها الإنجليز – فمجازر دير ياسين وقبيه ماثلة للعيان كما هي مجازر بحر البقر ودفن الجنود المصريين في صحراء سيناء وهم أحياء عام 1967. ومجازر قانا وصبرا وشاتيلا – والمجازر المروعة التي استهدفت المدنيين العزل والأطفال في لبنان ليؤكد للعالم بأن هذه الدولة قامت على الإرهاب ومستمرة فيه، ما دامت الحماية الأميركية متوفرة لها. 6.انتصار المقاومة اللبنانية مثل حالة خاصة في هذه الأمة فقد عزز روح الأمل بالانتصار الأكبر وإزالة هذا الكيان من الأرض العربية. وأحدث هذا الانتصار انقساماً في السلطة العسكرية للعدو فاستبدل مجموعة من قادته أثناء المعركة بعد أن مني بالفشل واستمرت هزائمه على أيدي أفراد من المقاتلين المؤمنين بربهم ووطنهم - وتفتت جبهته الداخلية وتطالب الأحزاب بتنحي الإرهابي أولمرت عن سدة الحكم. وهذا يعد انتصاراً آخر للمقاومة. 7.ما حققته المقاومة من نصر يراد الالتفاف عليه بالمفاوضات السياسية فالقرار 1701 الذي صدر عن مجلس الأمن بالإجماع والذي وافق عليه العدو لإنقاذ ماء وجهه وتخليصه من براثن المقاتلين. هذا القرار الذي وافقت عليه لبنان والمقاومة بتحفظ حيث لم يرد نصاً صريحاً باستعادة الأسرى ولا بتحرير مزارع شبعا.. فهذه بنود تعتبر ألغام في هذا القرار. كما أن تهديد العدو بأنه سيلاحق حزب الله في السر والعلن ودون إذن من أحد – واختراقه لوقف إطلاق النار بإنزال المظليين على بعلبك – دليل على نوايا العدو المبيتة من الثأر لهزيمته اعتقاداً منه بأن المقاتلين قد انتشوا بالنصر وارتخت أيديهم من على الزناد. وتفاجئوا بأن عين المقاتل لا تغمض. 8.هبت الدول العربية والجامعة العربية والشعوب العربية بكل فصائلها ومنظماتها لتقديم الدعم المادي والمعنوي للبنان الجريح وتقديم العون للمشردين والمرضى والجرحى. فتتالت المعونات جواً وبراً وبإصرار من مرسليها لأن تصل لمحتاجيها وفي أسرع وقت رغم قطع الطرق والجسور والحدود إلا إن هناك تجار للحروب يتلاعبون بقوت الثكالى وبأدوية الجرحى والمصابين. فما سمعناه عن هذا الظواهر شئ كبير وكثير فقد بيعت أدوية المساعدات بأختامها على بعض الصيدليات وبعض المتنفذين في لجان الإغاثة يساومون المطاعم على إعداد الوجبات الوهمية ليتقاسموا معهم أسعارها وظهر على شاشة التلفزيون الوزير محمد خليفة يتبرأ من هذه الأفعال ويدينها وينفي عن نفسه الاشتراك في هذه الأعمال المشينة. ولاحظنا بأن أدوية الأمراض المزمنة كالسكر والضغط الخ مفقودة وتباع بأعلى الأسعار وحليب الأطفال والحفاظات مفقودة – وتوزع المساعدات بشكل طائفي. حتى وجودنا في بيروت لم يصل لمستشفى النبطيه أي مساعدات. 9.خسائر لبنان هائلة ولكن هناك إصرار على إعادة التعمير فعليه يجب أن تنصب الجهود الحكومية والشعبية للإعمار وإيصال المساعدات للجهات الشريفة والنزيهة والابتعاد عن الجهات المشبوهة والمنتفعة. حيث دمر 15 ألف منزل – وهناك 184 ألف مشرد و120 جسراً و80%من المصانع دمرت وكم هائل من العاطلين يبلغ تكلفة اعمار البنية التحتية 4,5 مليار دولار.
|