السلطة التقليدية والمعارضة غير السوية
الكتاب جزيرة بلا وطن
المؤلف: كريم المحروس
الناشر: الرأي الآخر للدراسات
جمع الكاتب في" جزيرة بلا وطن" أوراقا كان قد كتب أكثرها في لندن خلال عقيدين امضاهما بعيدا عن بلاده البحرين .وهي ذكريات ومجموعة مقالات وتحليلات ولقاءات لمعطيات الإحداث السياسية والتطورات الاجتماعية في الفترة ما بين العامين (1991- 2004م )، ويستعرض فيها دور المعارضة، مشيرا إلى انه اختار عنوان الكتاب للتعبير عن ضياع المصلحة أو الهوية الوطنية بين مقاصد السلطة التقليدية ومقاصد المعارضة غير السوية
يناقش المؤلف مواضيع أساسية تتعلق ببنية دولة البحرين منها: العلاقة بين التكوين القبلي والتشكيلات الأمنية ، ثم الميثاق والدستور ، الجمعيات المثالية، مشكلات الوعي والتجديد السياسي والثقافي ، سجناء العقل في الشعائر ، تحديد المؤسسات ، وأزمة المثقفين وعالم الدين . وهناك ملف بعنوان التمييز الطائفي.
في إطار مشكلات الثقافة السياسية يلاحظ المؤلف انه ( ليست كل ظواهر التطورات الايجابية التي شهدتها البحرين مرجعها التصويت على الميثاق ) . ويضيف : انه لابد من القانون المشرع نيابيا، فالتصويت كان سياسيا وليس تشريعيا ، ناورت به السلطان من جهة وغلبت البساطة السياسية قادة الحركة الشعبية المعارضة في الجهة الأخرى.
إن الميثاق وتابعه الدستور لا يشكلان أساسه عقديا. وفيما يخص العلاقة بالتوجهات الإصلاحية لقيادة البحرين وكيف تعاملت معها الحركة الإسلامية، وتحت عنوان الواقعية السياسية يقول المحروس: (أن واقعية الإسلاميين الحركيين الواعين ليست القبول المطلق بالواقع وبما يشتمل عليه من علل ومساوئ وظواهر سياسية مرضية) وإنما هي بالنظر للحياة على أنها مزيج بين الخير والشر وأنها ساحة يسعى الناس فيها لثواب الآخرة (فليس كل نشاط ديني معارض يجب أن ينتهي إلى النصر السياسي) كما انه لا ينبغي التعجيل إذا تطلب العمل السياسي الخضوع لعوامل الشر ومعادلاته .
وبهذا المعنى فالكاتب المعني بأن تحقق الحركات الإسلامية نصر سهلا مقابل التخلي عن مبادئها.
وعن علاقة الإسلاميين بالقوى الوطنية يعتقد المؤلف أن الهواجس التي تدور في رؤوس البعض من الإسلاميين اتجاه اليسار الوطني إلى حد الانشغال الرئيس بهم أو استغلال العلاقة بهم ، هي دليل على ضعف سياسي وقلة ثقة في القدرات الوطنية الذاتية والفكرية) .
ويضيف : للحياة أسباب متاحة للإسلاميين كما هي متاحة لليسار . وخدمة المجتمع والوطن هي الميدان الحقيقي الذي ستمتحن فيه قدرات الإسلاميين الذاتية والموضوعية وقدرات اليسار).
ويشير إلى أن اليسار لم يعد منكفئا على الأفكار الشيوعية القديمة نفسها، وإذا كان متمسكا ببعض الأفكار (النابذة للدين) فإن الحل لا يمكن في مقاومته بجهالة وإنما يتوجب تأدية المسؤوليات بعرض البديل الفكري والعلمي الذي يقنع اليسار .
يتحدث المحروس عن مشاكل المرجعية الدينية ، ويذكر بصراعاتها التي تفاقمت في السبعينيات ، ويحذر من تعدد المرجعيات وتعدد تيارات المرجعية الواحدة، وينبه الى خطر عودة سياسة التهميش والإقصاء التي سادت بين أطراف المرجعيات ن ويقول: (أكثر المرجعيات الدينية لها ممثليات في البحرين ، ولو دخلت كلها في تنافس شريف وحضاري فإن هذا البلد الصغير سيشهد عملا مرجعيا حضاريا قد ينافس ما تقدمه الدولة لخدمة المواطن ).
وفي ختام هذه الإشارات المختصرة لبعض ما تضمنه الكتاب نشير إلى مناقشة الكاتب لموضوع (الثابت والمتغير) حيث يقول: ( أن مشكلة الجمود التي نعانيها في الفكر والثقافة ليس لها اصل في جهة الثابت والمتغير وإنما في وعي الثابت وكذلك المتغير) ، ويعتقد أن من المهم أن يتطور منهج النظر بين المصادر النصية القطعية والمصادر النصية الاجتهادية ، وإنما كان سائدا قبل قرنين أو ثلاثة في هذا المجال يجب أن يتحول أو يتغير، ( أخذا في الاعتبار التحولات الجارية على الصعيد الإنساني بعامة، وتطور العقل...)
ويضيف فكرة جديدة بالقول: (أن إخضاع الثابت إلى صفات المتغير هو صناعة جديدة لدين جديد خاضع للمعقول ، بمعنى أن العقل فينا يجب أن يتقدم الاعتقاد أولا ، ثم عليه ثانيا صياغة الشريعة التي أوجب على معتنقها التعبد بها بعد تعقل الاعتقاد..). |